وأما إن حلف ليفعلن واجبا أو ليتركن محرما فهذه اليمين مؤكدة لما أمر الله به رسوله وهو قبل اليمين لم يكن له أن يعصي الله فكيف إذا حلف ليطيعنه لكنه إن عصاه فقد خالف أمر الله ونكث عهده فعليه أن يتوب من مخالفة أمر الله وعليه كفارة يمينه وإن كان في تلك المخالفة عقوبة أو كفارة لزمته كمن حلف ليقتلن مسلما أو ليأخذن ماله فعصى الله في يمينه المحرمة فعليه العقوبة الشرعية مع كفارة اليمين وهكذا نهاهم الله سبحانه عن التظاهر فإذا تظاهر حرمت عليه المرأة إلى أن يكفر كفارة الظهار.
ولم يجعل سبحانه وتعالى على أمة محمد صلى الله عليه وسلم في دينهم من حرج بل أراد بهم اليسر ولم يرد بهم العسر ولهذا فإن ما أوجبه على عباده شرطه بالاستطاعة فقال {فاتقوا الله ما استطعتم} وقال {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} وقال النبي صلى الله عليه وسلم «إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم» وما حرمه من المطاعم الخبيثة أباحه للضرورة فقال {2: 173 فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} ولهذا رخص للمسافر أن يفطر وقال {2: 184 فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} وكذلك المتطهر قد رخص له إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله أن يتيمم صعيدا طيبا فيمسح بوجهه ويديه منه والمحرم الذي لزم إتمام الحج والعمرة لله رخص له إذا أحصر أن يتحلل بما استيسر من الهدي وإذا أصابه مرض أو كان به أذى احتاج معه إلى فعل ما نهي عنه من الحلق واللباس وغير ذلك رخص له في ذلك كما قال {2: 196 فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}.
فأسقط الواجبات عند المشقة ورخص في المحظورات عند الحاجة وإن كان العبد هو الذي أوجب على نفسه عقد الإحرام والتزم إتمام الحج والعمرة لله كما يلتزم الناذر فعل المنذور.
وما أوجبه الرب على عباده ابتداء فأمره أيسر مما يوجبونه هم على أنفسهم
Shafi 37