وبيان ذلك أن حافظا ادعى عندما دخل الفندق أنه ابن المرحوم نجيب باشا - ولا أدري إذا كان يوجد في مصر باشا بهذا الاسم - وأن عمه المرحوم أفلاطون باشا، وأن عمته مقيمة في سراية بشبرا وأنه وريثها الوحيد، فلما اعتقد صاحب الفندق ذلك أكرمه وبالغ في العناية به لا سيما وأن حافظا عندما حل في الفندق طلب أحسن غرفة فيه، فلم ترق له غير غرفة فيها سريران فاتخذها لنفسه راضيا عن دفع أجرة سريرين بدلا من سرير حبا في راحته؛ لأنه لم يتعود إلا على الترف والدلال.
ولما شعر صاحبنا حافظ «أن السمك قد أكل الطعم»؛ أي إن صاحب الفندق اغتر به، ناداه وقال له إنه لم يدخل الفندق إلا لأن عمته وهي شقيقة المرحوم أفلاطون باشا طريحة الفراش، وقد حضر من الإسكندرية لزيارتها خاصة، ولأخذ مبلغ كبير منها تعودت على أن تعطيه إليه سنويا في مثل هذا الشهر، فلما رآها مريضة لم يشأ أن ينام عندها واختار الإقامة في الفندق، ثم دعا صاحبه إلى مصاحبته لزيارة عمته المشار إليها، فلبى الرجل دعوته عن رضى وارتياح.
وللحال أمر حافظ أحد الخادمين أن يحضر عربة تكون عجلاتها من ذات المطاط (كاوتشو)، وركبها وصاحب الفندق قاصدا إلى شبرا .
وفي ذلك الشارع الكبير المزدان بالقصور العظيمة التي يسكنها عدد من عظماء مصر، أوقف العربة أمام باب قصر منها ودخل بالرجل اليوناني إليه.
فلما وصلا إلى المندرة حيث يستقبل الضيوف جلس وإياه برهة شربا في خلالها القهوة.
وقد سأل حافظ الخادم أمام صاحب الفندق عما إذا كانت عمته لا تزال مريضة، فأجابه بالإيجاب، فقال لصاحب الفندق لا سبيل لنا إذن لمقابلتها اليوم، فلنعد إليها غدا أو بعد، حيث تكون قد نالت الشفاء أو تماثلت إليه.
ولما ركبا العربة دارت بينه وبين صاحب الفندق المحاورة الآتية:
حافظ :
أرجوك أن تعطيني الآن جنيها لأدفع للحوذي أجرته؛ لأن النقود التي جئت بها قد أنفقتها اعتمادا على ما سآخذه من عمتي.
الرومي :
Shafi da ba'a sani ba