Daga Canja zuwa Halitta (Kashi na Biyu: Juyawar)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Nau'ikan
والأحاديث في العقليات أقل منها في السمعيات.
158
فالسمعيات تثير خيال العامة أكثر من العقليات، وإمكانية الوضع فيها أكثر من العقليات؛ فالظن في الإقناع أكثر من اليقين. فلا يعلم جنود الله إلا هو، ولا يوجد في السماء موضع شبر إلا وملك قائم أو راكع أو ساجد لله، مما يثير الخيال على عظمة الله وعبادة الكون له في نظرية الذات والصفات لا يروى إلا حديث واحد. وفي خلق الأفعال، والحسن والقبح لا يروى إلا حديث واحد في كل من موضوعي العدل. ويسود التيار الأشعري قبل أن يقننه الأشعري. فالهداية والتوفيق والعصمة من الله. والله هو الذي يرزق الطير فتغدو خماصا وتروح بطانا، أشعرية صوفية ضد خلق الأفعال والعمل والكسب. الغرض منها الوصايا والمواعظ والتوجه العملي للعامة. وكثير من الأحاديث يدعو إلى القيم السلبية مثل الفقر والزهد إما عزاء للفقراء أو كرها للأغنياء لا تدعو إلى الثورة الاجتماعية بالرغم من أن الجهاد رهبانية الأمة. وهي لا تشابه الأحاديث الصحيحة الواضحة العملية. إنما يغلب عليها الطابع الأسطوري الخيالي النظري. واختلافات الصياغات في الحديث الواحد كل على وضعه.
159
وقد يكون بعضه صحيح في البداية بتحديد مكان وزمان معينين مثل خضراء الدمن ثم ينتهي بالخيال. وفي بعض الأحاديث ركاكة مما يدل على طابعه الشعبي في التأليف أو التأليف على مستوى العامة في حين أن الرسول قد أعطى جوامع الكلم، وهو أفصح فصحاء العرب ليس بها طابع أقوال الرسول المركزة البليغة. كما يصعب حفظ الأحاديث الطويلة بلا تحريف، والرسول غير معروف بالإطالة. وقد تم صياغة الأحاديث في نوع أدبي مركب بإدخال محاور للرسول مثله أسامة أو عائشة أو أبي هريرة أفقر الفقراء وأقربهم إلى الرسول أو عمر الذي صدقه الوحي.
160
ويبدو الحديث مركبا منقطعا عن طريق تدخل المحاور «زدني» من أجل إعطاء أكثر من فرصة للخلق والتأليف كما فعل المسيح مع حوارييه، وليس من طبيعة الرسول قول الأشياء إلى منتصفها ثم الانتظار كي يعطيه المحاور مناسبة ثانية لاستكمال الحديث. بل الهدف منه الخلق على دفعات. فالخلق بطبيعته قصير، يتكون من عدة دفعات ثم يتم التأليف بينها، وليس من عادة الرسول مخاطبة أصحابه يا أسامة، يا أسامة، بل التوجه نحو الموضوع مباشرة. ومما يدل على وضع الحديث ووجود إخراج له في محاور كما هو الحال في العشاء الرباني للسيد المسيح، وفيها يبدو الرسول ناعيا نهاية العالم ونهاية المسلمين كما تنبأ المسيح بهدم المعبد وتدمير الهيكل، ونقد الدينونة ومظاهر البذخ والترف وكأنه ابن خلدون أو أحد الصوفية. ويغلب على معظم الأحاديث الطابع الصوفي، وقد تكون من وضع الإخوان. لا تعتمد على العقل بل تخاطب التجربة البشرية وتكشف عن مواطن الاغتراب فيها. وتعارض أحاديث أخرى تدعو إلى الدنيا وإلى العمل فيها، والتي تعبر أيضا عن روح القرآن. ويدل على وضع الحديث طوله على عكس الأحاديث الصحيحة القصيرة ذات النزعة الأخلاقية العملية المباشرة متجهة نحو المنفعة والصلاح في العالم، إنما يغلب عليها ثنائية الدنيا والآخرة، أشبه بوصايا الشيخ للمريد. ويعبر البعض منها عن اتجاهات غير إسلامية مثل إنقاذ الجماعة من أجل البقية الصالحة. هي أقرب إلى تاريخ الأدب والإبداع الفني. فالوضع ليس مجرد اختلاف بل هو عمل فني خلاق. ويتكاثر الحديث، حديثا وراء آخر مما يدل على طابعه التركيبي، فالمتن أقرب إلى تاريخ الأدب، والمضمون أقرب إلى التصوف. وكان الحديث يذكر تأكيدا للقرآن فما اتفق معه كان صحيحا، وما اختلف كان موضوعا بالإضافة إلى حكم العقل وصدق التجربة.
وتكثر الأحاديث في النبوة على طريقة الصوفية، محمد الحقيقة. محمد قديم، خلق وآدم بين الماء والطين، وجوده بالقوة قبل الفعل، وعمر الدنيا سبعة آلاف عام، وبعث محمد في آخر ألف منها ولا نبي بعده، النبوة في بداية الخلق وفي نهايته، وتطورها بين الخلق والقيامة. ينتسب الرسول إلى إبراهيم، أبوة روحية إشراقية. ومقامه رفيع مثل مقام الأنبياء آدم وإدريس النبي (هرمس). أعانه الله على شيطانه، فلكل إنسان شيطان يجري منه مجرى الدم، ورواة أحاديث النبوة خمسة: عن جبريل عن ميكائيل عن إسرافيل عن اللوح عن القلم. ومن أجل تعظيم النبوة يتم انتقالها من القلم إلى اللوح إلى إسرافيل إلى ميكائيل إلى جبريل إلى محمد نزولا، ومن محمد إلى جبريل إلى ميكائيل إلى إسرافيل إلى اللوح إلى القلم صعودا، ستة رواة، ويروي الإخوان من السابع.
161
وهناك أحاديث موضوعة عن النسخ، نسخ النبوة بالجبروتية، ويسمون باسم الخلافة، ويسيرون عليها بسيرة الجبابرة، ينهون عن المنكر، ويرتكبون الخدور، ويقتلون الأولياء أولاد الأنبياء ويقيمون بسبيهم واغتصاب حقوقهم وشرب الخمر والفجور واستبعاد الناس وسلب الأموال وخطف الأولاد والاستطالة ونسيان المعاد وبيع الدين بالدنيا، والآخرة بالأولى. فينهار التاريخ مما يؤدي إلى ضرورة الهدى ورفعه. وهو تصور شيعي للتاريخ من الهزيمة في الماضي إلى السقوط في الحاضر إلى النهضة في المستقبل.
Shafi da ba'a sani ba