جرى من التزحيف هذا المجرى في القصيدة، أو الأبيات كلها أو أكثرها، كان قبيحًا من أجل إفراطه في التخليع واحدة، ثم من أجل دوامه وكثرته ثانية، وإنما يستحب من التزحيف ما كان غير مفرط، أو كان في بيت أو بيتين من القصيدة من غير توال ولا اتساق، ولا إفراط يخرجه عن الوزن، مثل ما قال متمم بن نويرة:
وفقد بني أم تداعوا فلم أكن ... خلافهم لأستكين وأضرعا
فأما الإفراط والدوام فقبيح.
الزحاف:
وقال إسحاق يحكي عن يونس أنه قال: أهون عيوب الشعر: الزحاف، وهو ا، ينقص الجزء عن سائر الأجزاء، فمنه ما نقصانه أخفى، ومنه ما هو أشنع، وهو في ذلك جائز في العروض، قال خالد ابن أخي أبي ذؤيب الهذلي:
لعلك إما أم عمرو تبدلت ... سواك خليلًا شاتمي تستخيرها
وهذا مزاحف في كاف سواك ومن أنشده خليلًا سواك كان أشنع.
قال: وكان الخليل بن أحمد ﵀ يستحسنه في الشعر، إذا قل البيت أو البيتان، فإذا توالى وكثر في القصيدة سمج.
قال إسحاق: فإن قيل: كيف يستحسن منه شيئًا وقد قيل هو عيب؟ قيل: هذا مثل الحول والقبل واللثغ في الجارية، قد يشتهي القليل نمه الخفيف، وهو إن كثر هجن وسمج، والوضح في الخيل يشتهي ويستظرف خفيفه، مثل الغرة والتحجيل، فإذا فشا وكثر، كان هجنة ووهنًا.
قال: وخفيف البلق يحتمل في الخيل، ولم أر أبلق قط، ولم أسمع به سابقًا.
ولنبتع الكلام في عيوب الوزن بالكلام في عيوب القوافي.
عيوب القوافي:
ولنتعد ما قد أتى به من استقصى ذلك فيما وضعه من الكتب، إذ كان لاارب في إعادته، ولكنا نتكلم في ذلك بظاهر ما يعرفه جمهور الناس من المعايب التي ليست من جنس ما وضعت فيه الكتب.
ولنذكر مما وضع فيها ما كانت القدماء تعيب به دون غيره، فن ذلك التجميع.
التجميع:
وهو أن تكون قافية المصراع الأول من البيت الأول على روى متهيئ لأن تكون قافية آخر البيت بحسبه، فتأتي بخلافه،
1 / 69