أنا أيها المحسن الباهر ما نقص علي شيء من المراسيم، وما فقد مني شيء مما أسديته إلي من النعيم، وإنما نظرا لما لك من الإحسان، يجب أن أحذرك من نوائب الزمان، ولا تظن ما قلته لك هو ناشئ عن خبث طوية، لا بل هو من خلوص السريرة وصفاء النية، وحيث إني رأيت الزمان حقود، والصاحب أول ناكث للعهود، فقد أخبرتك، وحذرتك وأنذرتك، من غدر صاحب أن تختاره وهو يختار سواك، وأنت تفديه بنفسك وهو يود لك الهلاك، إن أعطيته حرمك، وإن رحمته ظلمك، تصعد به ظلال النعيم، وهو يهوي بك إلى حضيض الجحيم، تطعمه الشهد والحلاوة، وهو يسعى بينك وبين الناس بالعداوة، وما ذلك إلا لنفعه وضرك، وخيره وشرك، يدنس ويدلس، ويوسوس ويهوس، ويروج الباطل، ويحلي العاطل، لا يستحسن الترف، ولا ينظر إلى الشرف، بل يجد في منفعته الخصوصية، بقطع النظر عن الجهة والحيثية، ومتى ذهبت السكرة، وجاءت الفكرة، يتضح للإنسان حقيقة الحال، ويتذكر قول من قال:
المرء في زمن الإقبال كالشجرة
والناس من حولها ما دامت الثمرة
حتى إذا ما انقضت أيام مدتها
تفرقوا وأرادوا غيرها شجرة
ولا يزداد المرء إيقان، إلا بالتجريب والامتحان.
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق
فاتعظ أيها الحليم، بنصح مجرب حكيم.
إذا أنت فتشت القلوب وجدتها
Shafi da ba'a sani ba