واحدا بعينه وقد اقتصرنا لك من علم المنطق على هذا القدر وقد عرفناك طريق نيل الصواب وهو القياس البرهاني والحد الحقيقي وطريق التحرز من الخطأ وهو مما عرفناك من المواضع التي يغلط فيها في المقاييس والحدود ولم نطول المنطق بذكر الأمور الخارجة عن هذين الغرضين وإن كانت لا تخلو عن نفع وهي مثل المواضع الجدلية وآلاتها واستعمالها ومثل المقاييس الخطابية ومواردها وكيفية التصرف فيها ومثل الأقاويل الشعرية ومواردها وأغراضها فإن أحببت أن تطلع على ذلك فاطلبه من كتابنا الذي يسمى بالشفاء.
تم قسم المنطق من كتاب النجاة ويليه القسم الثاني وهو الطبيعيات
القسم الثاني - في الطبيعيات
بسم الله الرحمن الرحيم
المقالة الأولى من طبيعيات كتاب النجاة
نريد أن نحصر جوامع العلم الطبيعي والعلم الطبيعي صناعة نظرية وكل صناعة نظرية فلها موضوع من الموجودات أو الوهميات فيه ينظر ذلك العلم وفي لواحقه فالعلم الطبيعي موضوع فيه ينظر وفي لواحقه وموضوعه الأجسام الموجودة بما هي واقعة في التغيير وبما هي موصوفة بأنحاء الحركات والسكونات وبعض موضوعات العلوم لها مباد وأوائل بها توجد وموضوع العلم الطبيعي من تلك الجملة وللعلوم أيضا مباد وأوائل من جهة ما يبرهن عليها وهي المقدمات التي تبرهن ذلك العلم ولا تتبرهن فيها إما لبيانها وإما لعلوها عن أن تتبرهن في ذلك العلم بل إنما تتبرهن في علم آخر والعلم الطبيعي من تلك الجملة وليس ولا على واحد من أصحاب العلوم الجزئية إثبات مبادي موضوع علمه ولا إثبات صحة المقدمات التي يبرهن بها ذلك العلم بل بيان مبادي العلوم الجزئية على صاحب العلم الكلي وهو العلم الآلهي والعلم الناظر فيما بعد الطبيعة وموضوعه الموجود المطلق والمطلوب فيه المبادئ العامة واللواحق العامة فلنضع المبادئ الكلية للعلم الطبيعي الذي هو واحد من العلوم الجزئية وضعا.
Shafi 81