187

فصل في أن الواجب تام وليس له حالة منتظرة

ونقول إن واجب الوجود بذاته واجب الوجود بجميع جهاته وإلا فإن كان من جهة واجب الوجود ومن جهة ممكن الوجود فكانت تلك الجهة تكون له ولا تكون له ولا تخلو عن ذلك وكل منهما بعلة يتعلق الأمر بها ضرورة فكانت ذاته متعلقة الوجود بعلتي أمرين لا يخلو منهما فلم يكن واجب الوجود بذاته مطلقا بل مع العلتين سواء كان أحدهما وجودا والآخر عدما أو كان كلاهما وجوديين فبين من هذا أن الواجب الوجود لا يتأخر عن وجوده وجود منتظر بل كل ما هو ممكن له فهو واجب له فلا له إرادة منتظرة ولا طبيعة منتظرة ولا علم منتظر ولا صفة من الصفات التي تكون لذاته منتظرة. وكل واجب الوجود بذاته فإنه خير محض وكمال محض والخير بالجملة هو ما يتشوقه كل شيء ويتم به وجوده: والشر لا ذات له بل هو إما عدم جوهر أو عدم صلاح حال الجوهر فالوجود خيرية وكمال الوجود خيرية الوجود والوجود الذي لا يقارنه عدم لا عدم جوهر ولا عدم شيء للجوهر بل هو دائم بالفعل فهو خير محض والممكن الوجود بذاته ليس خيرا محضا لأن ذاته بذاته لا يجب له الوجود فذاته بذاته تحتمل العدم وما احتمل العدم بوجه ما فليس من جميع جهاته بريئا من الشر والنقص فإذا ليس الخير المحض إلا الواجب بذاته وقد يقال أيضا خير لما كان نافعا ومفيدا لكمالات الأشياء - وسنبين أن الواجب الوجود يجب أن يكون لذاته مفيدا لكل وجود ولكل كمال وجود فهو من هذه الجهة خير أيضا لا يدخله نقص ولا شر.

Shafi 187