فصل في أن الواجب تام وليس له حالة منتظرة
ونقول إن واجب الوجود بذاته واجب الوجود بجميع جهاته وإلا فإن كان من جهة واجب الوجود ومن جهة ممكن الوجود فكانت تلك الجهة تكون له ولا تكون له ولا تخلو عن ذلك وكل منهما بعلة يتعلق الأمر بها ضرورة فكانت ذاته متعلقة الوجود بعلتي أمرين لا يخلو منهما فلم يكن واجب الوجود بذاته مطلقا بل مع العلتين سواء كان أحدهما وجودا والآخر عدما أو كان كلاهما وجوديين فبين من هذا أن الواجب الوجود لا يتأخر عن وجوده وجود منتظر بل كل ما هو ممكن له فهو واجب له فلا له إرادة منتظرة ولا طبيعة منتظرة ولا علم منتظر ولا صفة من الصفات التي تكون لذاته منتظرة. وكل واجب الوجود بذاته فإنه خير محض وكمال محض والخير بالجملة هو ما يتشوقه كل شيء ويتم به وجوده: والشر لا ذات له بل هو إما عدم جوهر أو عدم صلاح حال الجوهر فالوجود خيرية وكمال الوجود خيرية الوجود والوجود الذي لا يقارنه عدم لا عدم جوهر ولا عدم شيء للجوهر بل هو دائم بالفعل فهو خير محض والممكن الوجود بذاته ليس خيرا محضا لأن ذاته بذاته لا يجب له الوجود فذاته بذاته تحتمل العدم وما احتمل العدم بوجه ما فليس من جميع جهاته بريئا من الشر والنقص فإذا ليس الخير المحض إلا الواجب بذاته وقد يقال أيضا خير لما كان نافعا ومفيدا لكمالات الأشياء - وسنبين أن الواجب الوجود يجب أن يكون لذاته مفيدا لكل وجود ولكل كمال وجود فهو من هذه الجهة خير أيضا لا يدخله نقص ولا شر.
Shafi 187