186

أقدم منهما فليس إذا وجوب وجود كل واحد منهما مستفادا من الآخر بل من العلة الخارجة التي أوقعت العلاقة بينهما وأيضا فإن ما يجب بغيره فوجوده بالذات متأخر عن وجود ذلك الغير ومتوقف عليه: ثم من المستحيل أن تتوقف ذات في أن توجد على ذات توجد بها فكأنها تتوقف في الوجود على وجود نفسها - وبالجملة فإذا كان ذلك الغير يجب به كان هذا أقدم مما هو أقدم منه ومتوقف على ما هو متوقف عليه فوجودهما محال.

فصل في بساطة الواجب

ونقول أيضا إن واجب الوجود لا يجوز أن يكون لذاته مبادئ تجتمع فيقوم منها واجب الوجود لا أجزاء الكمية ولا أجزاء الحد والقول سواء كانت كالمادة والصورة أو كانت على وجه آخر بأن تكون أجزاء القول الشارح لمعنى اسمه فيدل كل واحد منها على شيء هو في الوجود غير الآخر بذاته - وذلك لأن كل ما هذا صفته فذات كل جزء منه ليس هو ذات الآخر ولا ذات المجتمع فإما أن يصح لكل واحد من جزئيه مثلا وجود منفرد لكنه لا يصح للمجتمع وجود دونها فلا يكون المجتمع واجب الوجود أو يصح ذلك لبعضها ولكنه لا يصح للمجتمع وجود دونه فما لم يصح له من المجتمع والأجزاء الأخرى وجود منفرد فليس واجب الوجود ولم يكن واجب الوجود إلا الذي يصح له وإن كان لا يصح لتلك الأجزاء مفارقة الجملة في الوجود ولا للجملة مفارقة الأجزاء وتعلق وجود كل بالآخر وليس واحد أقدم بالذات فليس شيء منها بواجب الوجود " فقد أوضحت هذا على أن الأجزاء بالذات أقدم من الكل " فتكون العلة الموجبة للوجود توجب أولا الأجزاء ثم الكل ولا يكون شيء منهما واجب الوجود وليس يمكننا أن نقول إن الكل أقدم بالذات من الأجزاء فهو إما متأخر وإما معا وكيف كان فليس بواجب الوجود فقد اتضح من هذا أن واجب الوجود ليس بجسم ولا مادة جسم ولا صورة جسم ولا مادة معقولة لصورة معقولة ولا صورة معقولة في مادة معقولة ولا له قسمة لا في الكم ولا في المبادئ ولا في القول فهو واحد من هذه الجهات الثلاث.

Shafi 186