وتخليل لحيته
ــ
أما الأول: فلأن كون المج شرطا فيهما إنما هو: رواية عن الثاني، والأصح: أنه ليس بشرط كما في البحر وفي الفتح: لو شرب الماء عبا أجزأه عن المضمضة وهو يفيد أن مجها ليس من حقيقتها، وقيل: لا يجزئه وأما اشتراط جذب الماء بريح الأنف في الاستنشاق بالنفس لكونه مأخوذا من التنشق فذاك معناه اللغوي، أما العرف فقد علمت أن إيصال الماء إلى المارن ولا شك أن الغسل مع أخصريته يفيد ذلك.
وأما الثاني: فلأن الاستيعاب هو الكامل وكماله بالمبالغة، وهو قدر زائد على الأصل متمم له فلا بدع في ذكرها مطوية فيه، وأبدى العيني وجها ثالثا هو التنبيه على حديهما.
(وتخليل لحيته) وهو: تفريق شعرها من أسفل إلى فوق، وهو سنة لغير المحرم. أما المحرم فمكروه هذا قول الثاني وهو أصح القولين عن الثالث. وقال الإمام: إنه مندوب فقط لعدم المواظبة وعنه أنه جائز لا غير لأن السنة إكمال الفرض في محله وداخل اللحية ليس بمحل للفرض، والأصح: أنه سنة لما في أبي داوود عن أنس: "كان ﵊ إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه فتخلل به لحيته" وقال: ":هكذا أمرني ربي" وهو مغن عن نقل صريح المواظبة، إما لأن أمره حامل عليها وإما لأن لفظ كان يشعر بها، وأنت خبير بأن هذا الاستدلال إنما يفيد الوجوب لا مجرد السنية وذلك لأنها لا مع ترك يفيده، فإن قلت: قد قدم أن المختار أنها لا تفيده، قلت: بتقدير تسليمه فالأمر كاف في إفادته وما قيل إنما لم نقل به رفعا لمعارضته للكتاب رد بأنه إنما يتأتى على أنه فرض، ولم يقل به أحد. وما في العناية الحق أن المواظبة لم تثبت لما روي عن الإمام أنه لم يثبت فعله منه ﵊ إلا مرة واحدة مردود أيضا بما مر فتدبر، نعم جعل بعضهم الصارف للأمر عن الوجوب هو: عدم تعليم الأعرابي له، وأيضا الأخبار المحكية عن وضوئه ﵊ خالية عنه، وكون السنة إكمال الفرض في محله نقض بكثير من السنن: كغسل الفم والأنف ومسح الأذنين والاستنجاء أو أجيب بما فيه تكلف ظاهر غير أنه إنما يحتاج إليه بفرض تسليم تلك المقدمة لكنها في حيز المنع.
1 / 42