وغسل فمه وأنفه
ــ
مقيد درس الكاساني صاحب البدائع بحلب أو عرضا والأكثرون على الأول وأقله ثلاث في الأعالي وثلاث في الأسافل بثلاث مياه ويسوك الحنك أيضا مبتدئا من الجانب الأيمن ثم الأيسر في الأعالي والأسافل، ويستاك بكل عود إلا الرمان والقصب وأفضله الاول ثم الزيتون. روى الطبراني: نعم المسواك الزيتون من شجرة مباركة وهو سواكي وسواك الأنبياء من قبلي. ويندب أن يكون لينا خال من العقد طول شبر ويقوم الأصبع أو الخرقة الخشنة مقامه عند فقده أو فقد أسنانه في تحصيل ثوابه والأفضل حينئذ أن يبتدأ بأسنانه اليسى ثم اليمنى ويقوم العلك مقامه للمرأة عند القدرة عليه فيندب لها فعله لضعف بنيتها وعند فقده يقوم الأصبع مقامه كالسواك ومنافعه وصلت لنيف وثلاثين منفعة أدناها إماطة الأذى وأعلاها تذكر الشهادة عند الموت رزقنا الله ذلك بمنه وكرمه.
(وغسل فمه) ثلاثا بمياه (وأنفه) كذلك وعدل عن تعبير القوم بالمضمضة والاستنشاق إما اختصارا أو لأن الغسل يشعر بالاستيعاب وهذا لأن السنة فيهما المبالغة والغسل دل على ذلك فكان أولى كذا في الشرح وهو ظاهر في أنه يفيد سنية المبالغة أيضا بخلاف تعبير القوم وقد نوزع في كل منهما أما الاختصار فهو وإن طلب لكن بشرط أن لا يفوت به.
فائدة مهمة: ولا شك أن المضمة إدارة الماء في الفم ثم مجه، والاستنشاق: جذب الماء إلى الأنف بالنفس ولاعتبار القيدين فيهما خلا وضوء الميت عنهما والغسل لا يدل على ذلك وكان ذلك هو وجه قول العيني وما قيل أنه للاختصار فليس بشيء على أنه لا تفاوت بينهما إلا بحرف واحد وفي الاستنشاق بحرفين.
وأما كونه يشعر بالاستيعاب، يعني: دون غيره فقال في البحر ففيه نظر إذ ما عبر القوم يشعر به أيضا، قال في الخلاصة: المضمضة استيعاب جميع الفم والاستنشاق إيصال الماء إلى المارن.
وأقول: هذا ظاهر في أنه فهم أن المدعى هو ما عبر به القوم لا يفيد الاستيعاب والغسل يفيده وليس بالواقع لما قد علمت نعم، قال بعض المتأخرين: المبالغة المذكورة ليست نفس الاستيعاب كيف وهو داخل في حد المضمضة كما قد عرفت بل هي إلى الغرغرة وفي الاستنشاق إلى ما اشتد من الأنف، وأيضا قد علمت أنها سنة أخرى ولا خفاء أن التعبير عنها وعن أصلها بعبارة واحدة يوهم أنها سنة واحدة وليس كذلك، وأقول: ويمكن أن يجاب عنها.
1 / 41