Nahj Haqq
نهج الحق وكشف الصدق
Nau'ikan
التصديق أو لغيره لم يمكن الاستدلال على صدق مدعي النبوة مع هذا الشك فكيف يحصل الجزم بصدقه مع الجزم بأنه لم يفعله لغرض التصديق. وأما الثانية فلأنها لا تتم على مذهبهم لأنهم يسندون القبائح كلها إلى الله تعالى ويقولون كل من ادعى النبوة سواء كان محقا أم مبطلا فإن دعواه من فعل الله وأثره وجميع أنواع الشرك والمعاصي والضلال في العالم من عند الله تعالى فكيف يصح مع هذا أن يعرف أن هذا الذي صدقه صادق في دعواه فجاز أن يكذب في دعواه ويكون هذا الإضلال من الله سبحانه كغيره من الأضاليل التي فعلها (1)
(1) كيف يحتمل ذلك عاقل، مع أن إرسال الرسل إلى البشر يقطع على الظالمين طريق الاعتذار، كما قال الله عز وجل: «لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل» النساء: 165، وإن الأنبياء هم الذين أعطاهم الله الحكم والكتاب، وجعلهم أئمة يهدون بأمره، وأوحى لهم فعل الخيرات، وحباهم بأكمل الصفات، وأسنى النعوت ولو لم يكونوا بهذه المثابة من الكمال لصغر شأنهم في أعين الناس، لما استجاب لهم أحد، ولو كذبوا وخانوا وقبحت سيرتهم لضعفت الثقة بهم، ولكانوا مضلين لا مرشدين فتذهب الحكمة من إرسالهم، ولهذا نفى الله الخيانة عن جميع الأنبياء بقوله: «ما كان لنبي أن يغل» آل عمران: 161 واصطفاهم بالنبوة والرسالة، وعصمهم من العصيان، والخطأ، والسهو، والنسيان، فعرفان منزلتهم موقف خطير فلا تحد منزلتهم بأذهاننا القاصرة، فالأولى التأمل في كلام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، العارف بمقامهم حق المعرفة، لأن أهل البيت أدرى بما فيه:
قال في الخطبة (94) من نهج البلاغة: «فاستودعهم في أفضل مستودع، وأقرهم في خير مستقر، تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام، كلما مضى منهم سلف قام منهم بدين الله خلف» إلى أن قال: «حتى أفضت كرامة الله سبحانه وتعالى إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، فأخرجه من أفضل المعادن منبتا، وأعز الأرومات مغرسا، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه، وانتجب منها أمناءه، عترته خير العتر، وأسرته خير الأسر، وشجرته خير الشجر، نبتت في حرم وبسقت في كرم، لها فروع طوال، وثمر لا ينال، فهو إمام من اتقى، وبصيرة من اهتدى، سراج لمع ضوؤه، وشهاب سطع نوره وزند برق لمعه، سيرته القصد وسنته العدل وكلامه الفصل، وحكمه العدل».
وقال في الخطبة (144) من النهج أيضا: «بعث الله رسله بما خصهم به من وحيه، وجعلهم حجة له على خلقه، لئلا تجب الحجة لهم بترك الاعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصدق إلى
Shafi 140