وكذلك لو كانت المفترضات من الطاعات هي الإيمان لوجب أن يكون من فعل من الأنبياء صلوات الله عليهم صغائر المعاصي غير كامل الإيمان ؛ لأنه قد أخل بفرض ، وهو الكف عن المعصية.
واستدلوا أيضا على أن المعاصي لا تنافي الإيمان بقوله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) (1)، وبقوله تعالى : ( والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ) (2) فأخبر أنهم مؤمنون وان لم يهاجروا ، وبقوله تعالى : ( ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات ) (3)، واشترط مع الإيمان عمل الصالحات ، وهذا يدل على أنه قد يكون مؤمنا وان لم يعمل الصالحات ، وقوله تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (9) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) (4)، فسماهم في حال البغي والمعصية أخوة المؤمنين ، وبقوله تعالى : ( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون (5) يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون (6)) (5)، فخبر بكراهية الحق والجدال فيه بعد وضوحه مع تسميتهم بالإيمان.
وقد استدلت المعتزلة على ما تذهب إليه بأشياء :
منها : أن قولهم : «مؤمن» لو لم يكن منقولا عما كان عليه في اللغة وكان على حاله فيها ، لما صح أن يسمى به بعد تقض الفعل الذي اشتقت منه مقيدا بالحال ، قد يقال : «هو مؤمن اليوم» كما لا يقال فيمن ضرب أمس : «فهو ضارب اليوم» ولم يوجد في اليوم ضرب.
ومنها : أنهم يزيلون هذا الاسم عن المنافق وان كان مصدقا بلسانه ، وعلى هذا الظاهر يعلم أنه غير موضوع للتصديق.
Shafi 296