تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) (1) بأن يذهب عنه ويسهو ، وهو الذى أراده بقوله تعالى : ( ووجدك ضالا فهدى ) (2) أى : ذاهبا عن النبوة والأحوال العظيمة ، فهداك إليها.
ويجوز أن يضاف الضلال إليه تعالى ، بمعنى أن يذهب بهم عن طريق الجنة إلى طريق النار. وكما أن أحدنا فى الشاهد إذا عدل به الإنسان عن طريق نجاته إلى طريق هلاكه يقال : أضله ، فكذلك فيه تعالى ، وإن كان ما فعله يحسن من حيث استوجبوا بكفرهم وبسوء اختيارهم.
فعلى هذه الوجوه يجوز أن ينسب الضلال إليه تعالى (3)، فأما بمعنى خلق نفس الكفر فيهم أو الدعاء إليه ، أو تلبيس الأدلة ، فذلك مما لا يجوز عليه تعالى ، وقد وصف به الشيطان وذمه بذلك ، فقال تعالى : ( ولقد أضل منكم جبلا كثيرا ) (4) وقال : ( وأضل فرعون قومه وما هدى ) (5) وقال : ( لهمت طائفة منهم أن يضلوك ) (6) « وقال فى قريب من ذلك : ( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) (7) وقال فيهم : ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل ) (8) وقال : ( وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ) (9)، وقال : ( ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) (10). وقال : ( يبين الله لكم أن تضلوا ) (11)
وانظر فيما يره غيرهم فيه : الابانة : 59. الفصل : 3 / 46 51.
Shafi 67