والجواب عن ذلك ، أن المرض فى حقيقة اللغة لا يعقل فيه (1) الكفر ، ولذلك لا يوصف الكافر بأنه مريض ولا الفاسق ، كما لا يوصف المؤمن ، لأجل إيمانه وزوال الكفر عنه ، بأنه صحيح. وقد يكون مؤمنا مريضا وكافرا صحيحا ، فلا ظاهر له يتعلقون به.
وإنما ظن القوم أن المنافقين فى قلوبهم الكفر ، وهو المرض ، فيجب أن يكون المراد بقوله : ( فزادهم الله مرضا ) ما أريد بالأول ، فبنوا فاسدا على فاسد.
والمراد بذلك ، ما قاله أبو على (2) من أن فى قلوبهم غما وقلقا بأحوال النبى صلى الله عليه ، وعظم نعم الله عز وجل عليه فأراد بقوله : ( فزادهم الله مرضا ) يعنى : غما ، بأن زاد فى تعظيم النبى عليه السلام وعظم أحواله ، وعرفهم ذلك ، فكان ذلك هو الغم الذى فعله فى قلوبهم ، ومرض القلب لا يعقل فى اللغة إلا الغم. ولذلك يقول الفصيح فيمن خبره بما يسوؤه : قد أمرضت قلبى!. وهذا ظاهر فى اللغة.
ثم يقال للقوم : إنما يصح أن يقول تعالى ذلك ، على قولنا دون قولكم ، لأنه جل وعز ، إذا كان قد خلق فيهم الكفر الأول والثانى ، فكيف جعل زيادة
Shafi 55