قال تعالى : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ) (1) وإنما خص من يخشى بذلك ، من حيث اختص بأنه انتفع بالإنذار.
ثم يقال للقوم : إن الدلالة على وجه يخص أو يعم ، لا تصح إلا على قولنا ؛ لأنه تعالى إن كان يخلق الطاعة والمعصية فسواء كانت الدلالة أو لم تكن ، فالحال واحدة! لأنه إن أراد تعالى خلق ذلك فيهم وجد ، كان الكتاب أو لم يكن ، استدلوا به أو لم يستدلوا ، وإن لم يرد (2) ذلك لم يحصل على كل حال.
ومن وجه آخر يدل على قولنا ؛ لأن وصف المتقى بأنه متق لا يصح إلا بأن يختار التحرز من المضار ، فيكون متقيا ، ومتى لم يختر ذلك لم يوصف به (3)، فإن لم يكن للعبد فعل البتة ، فكيف يوصف بذلك؟!
وبعد ، فان التحرز والاتقاء إنما يصح من العقاب يفعل الطاعة ومجانبة المعصية ، فلو كان تعالى يخلق ذلك ، لكان يجب أن يكون دافعا للمضرة عنهم بخلق ذلك فيهم ، ولا يصح وصفهم بأنهم اتقوا ، كما لا يوصف من دفعنا عنه المكاره بأنه متق.
وبعد ، فإن كان تعالى يفعل القبيح ، فكيف (4) الأمان من أنه لا يعاقب الطائع! فتكون الطاعة ومجانبة المعصية تقوى؟ وكل ذلك يدل على ما نقول. فمن العجب أن يتعلقوا بمثل ذلك مع دلالته على قولنا من هذه الوجوه!
** 17 مسألة :
، فقال : ( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) [6] فلو قدروا عليه لآمنوا لا محالة ؛ لأنه لا يصح
( م 4 متشابه القرآن )
Shafi 49