383

وقوله تعالى : ( عليه توكلت ) إنما يصح على قولنا ؛ لأن تخصيص بعض العباد بالتوكل عليه دون بعض يقتضى أنه قادر على اختيار سلوك الطريقة المستقيمة ، والعدول عن ترك الرضا بما قسم له ، وعلى قولهم حال جميع العباد سواء فى أنهم قد فعل فيهم ما هم عليه ، ويجب على قولهم أن يرضوا بما أعطوا دينا ودنيا من كفر وإيمان ، وغنى وفقر ، فلا يصح التخصيص فى باب التوكل.

وكل ذلك يقتضى التعجب من تعلقهم بهذه الآية ، وحالها فى باب الدلالة على العدل ما ذكرناه.

** 346 مسألة :

أن الشقى فى النار إلى وقت وغاية ثم يخرج منها ، فقال :

( يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد ، فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق ، خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ) (1)

والجواب عن ذلك : أنه تعالى وصف بأن فيهم شقيا وسعيدا ، ولم يذكر أن الذى جعلهم كذلك هو الله ، فلا ظاهر للقوم من هذا الوجه.

وعندنا أن منهم شقيا ومنهم سعيدا بما اختاروه ، مما أوجب فيهم الشقاء والسعادة فلا خلاف فى وصفهم بذلك ، وإنما الكلام فى من الفاعل له؟ ولو كان تعالى قد فعله لم يذمهم بذلك ، ولما أوجب فيهم النار ، وقد بينا القول فى ذلك!

Shafi 384