وحصل من هذه الجملة أن القرآن يتفق جميعه فى أن إنزاله مصلحة تعود على المكلف ، ثم يختلف حاله ، « ففيه ما يختص (1) مع ذلك بأنه دلالة على ما لولاه لما علم ، وفيه ما يكون بعثا على النظر والفكر فيما نبه عليه ، وفيه ما يجتمع فيه معنى اللطف ومعنى الدلالة ، كما أن جميعه قد اتفق فى كونه معجزا إذا بلغ القدر المخصوص ، وإن كان حاله فى سائر فوائده تختلف.
وهذه جملة كافية فى هذا الباب.
** 11 مسألة :
أنه لطف وتأكيد إذا دل ظاهره على الحق ، ومتى كان من المتشابه ، فالواجب أن يحمل على ما يقتضيه دليل العقل ، فما الوجه فى المنازعة الشديدة فى المحكم والمتشابه المختصين بهذا الباب؟ وهلا وجب الرجوع فيما يقع فيه الخلاف من ذلك إلى أدلة العقول وترك التشاغل به! وذلك يبطل الفائدة فيما تكلفه المشايخ من بيان المراد بالمتشابه ، وذكر وجوهه ، وبيان المحكم والفرق بينهما.
قيل له : إنا قد بينا أن المعرفة بالله تعالى وبتوحيده وعدله لو لم تتقدم لم يمكن أن نعلم أن القرآن حجة أصلا ، وشرحنا ذلك بما لا طعن فيه ، ولا يوجب ما قلناه فى ذلك ترك التشاغل ببيان المحكم والمتشابه ، وذلك لأن فى بيان ذلك إبطال ما يظنه الخصم حجة له على مذهبه الفاسد ، وفيه بيان زوال التناقض عن القرآن ، وفيه بيان موافقة المتشابه للمحكم ، وموافقهما جميعا لحجة (2) العقل ، وفيه تعريف المخالف أنه لا عذر له فى قيامه على الخلاف للتمسك بهذه الآيات ،
Shafi 37