277

والجواب عن ذلك : أنه بين من حالهما أنهما أقدما على ما نهاهما عنه وإن كان ذلك عند ذهابهما عن الاستدلال على طريق التعمد ؛ لأنهما لم يتناولا مما أشير إليه بالتحريم ، لكنهما دلا على أن المراد الجنس فظناه العين ، وكان الواجب عليهما أن يستدلا بما نصب من الدليل ، فيعرفا المراد به ، فلما ذهبا عن ذلك ، وأقدما على الأكل منه ، كانا ظالمين لأنفسهما ؛ لأنهما حرماها بعض ما حصل لهما من الثواب ، والمفوت [ على ] نفسه المنافع كالجالب إليها المضار ، فى أنه يوصف بأنه ظالم لنفسه ، ولذلك نسبا أنفسهما إلى الظلم ، ووصف الظالم بأنه ظالم ليس بذم ؛ لأنه يجرى على طريق الاشتقاق ، ولذلك قالت العرب : هو أظلم من حية ، وإن لم يصح فيها الذم ، وإذا أريد به الذم صار منقولا ، ويخالف وصف الفاسق بأنه فاسق ؛ لأن ذلك وضع للذم فى الشرع ، ولذلك متى استعمل فى الذم استعمل على خلاف طريقته فى اللغة ، وليس كذلك (1) وصف الظالم بأنه ظالم ، فلا يدل ذلك على أنهما أقدما على كبير واستحقا الذم.

وقولهما : ( وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) محمول على

مقالات الإسلاميين : 1 / 213. الفصل : 3 / 2. عصمة الأنبياء للرازى ص : 4.

وانظر فيه : عصمة آدم عليه السلام ، ص : 11 فما بعدها.

Shafi 278