ومنها : أن كون القرآن كذلك يصرفه أن يعول على تقليده ، لأنه يرى أنه ليس بأن يقلد كلامه عز وجل فى نفى التشبيه ؛ لقوله عز وجل ( ليس كمثله شيء ) (1) أولى من أن يقلده فى خلافه ، لقوله عز وجل : ( وجاء ربك ) (2) فكما أن اختلاف العلماء فى الديانات ، وقول بعضهم فى المذهب بخلاف قول صاحبه يصرف المميز عن تقليدهم ، لأنه يعلم أنه ليس تقليد بعضهم بأولى من تقليد سائرهم ، فكذلك انقسام القرآن إلى الوجهين اللذين ذكرناهما يصرف عن ذلك لا محالة ، وما (3) صرف عن التقليد المحرم وبعث على النظر والاستدلال فهو فى الحكمة أولى (4).
فان قيل : إن كان الأمر كما ذكرتم فيجب فى الواحد منا إذا قصد (5) بتأليفه وخطابه الإفهام والبيان أن يكون كلامه كلما كان أشد اختلافا ، وأقرب (6) إلى الالتباس والتناقض فى الظاهر ، أولى فى الحكمة. فإذا قبح ذلك فى الشاهد وجب مثله فى خطابه عز وجل ، لأنكم قد بينتم أن غرضه عز وجل به البيان والتعريف!.
قيل له : إنه تعالى يعلم مصالح العباد ، فيفعل الخطاب وغيره على ما تقتضيه
Shafi 26