وإنما أراد تعالى أن هؤلاء الكفار معلوم من حالهم أنهم قد انتهوا فى التمرد وشدة التمسك بالكفر إلى حد لا يؤثر فيهم شيء من الآيات ، وأنه لو كان المعلوم أن شيئا منها يؤثر لفعله تعالى ، لكنه قد أقام الحجة بما فعل وأزاح العلة ، ولم يدع ما لو (1) فعل كانوا إلى الإيمان أقرب ، فمن قبل أنفسهم أتوا.
وهذا أقوى فى الدلالة على أنه تعالى يلطف لعباده ، وأنه متى علم من حالهم أو حال بعضهم ، أنه يؤمن عند شيء فلا بد من أن يفعله (2)؛ لأنه لو جاز أن لا يفعله ؛ لم يكن لهذا القول الدال على أنه لم يفعل هذه الآيات ؛ من حيث علم أنهم لا يؤمنون ، معنى.
** 228 مسألة :
فيهم عداوتهم ، صلوات الله عليهم ، فقال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا ) الآية ... [112].
والجواب عن ذلك : أن ظاهره لا يدل على ما قالوه ، وذلك أنه تعالى قال ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا ) وليس فيه أنه الخالق لعداوتهم (3)، فالظاهر لا يدل على موضع الخلاف ؛ لأنا لا نأبى (4) أنه تعالى يخلق أعداء الأنبياء من شياطين الإنس والجن (5).
فإن قال : فلما ذا أضاف [ الفعل ] إلى نفسه؟
قيل له : المراد بذلك أنه بين للأنبياء شدة عداوتهم لهم ، فمن حيث بين
Shafi 259