وفيهم من قال : إن المحكم هو ما بين لنا مقاديره وشروطه من الأحكام ، والمتشابه هو ما لم يبين لنا حاله من الصغائر والكبائر. إلى غير ذلك من الخلاف.
قيل له : إن المحكم إنما وصف بذلك لأن محكما أحكمه ، كما أن المكرم إنما وصف بذلك لأن مكرما أكرمه ، وهذا بين فى اللغة. وقد علمنا أنه تعالى لا يوصف بأنه أحكم هذه الآيات المحكمات من حيث تكلم بها فقط ، لأن المتشابه كالمحكم فى ذلك ، وفى سائر ما يرجع إلى جنسه وصفته ، فيجب أن يكون المراد بذلك أنه أحكم المراد به بأن جعله على صفة مخصوصة لكونه عليها تأثير فى المراد وقد علمنا أن الصفة التى تؤثر فى المراد هى أن توقعه على وجه لا يحتمل إلا ذلك المراد فى أصل اللغة ، أو بالتعارف ، أو بشواهد العقل. فيجب فيما اختص بهذه الصفة أن يكون محكما ، وذلك نحو قوله تعالى : ( قل هو الله أحد الله الصمد ) (1) ونحو قوله : ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ) (2) إلى ما شاكله.
فأما المتشابه فهو الذى جعله عز وجل على صفة تشتبه على السامع لكونه عليها المراد به من حيث خرج ظاهره عن أن يدل على المراد به ، لشيء يرجع إلى اللغة أو التعارف ، وهذا نحو قوله تعالى : ( إن الذين يؤذون الله ) (3) إلى ما شاكله ، لأن ظاهره يقتضى ما علمناه مجالا ، فالمراد به مشتبه ويحتاج فى معرفته الى الرجوع إلى غيره من المحكمات.
Shafi 19