لتبيننه للناس ولا تكتمونه (آل عمران: 187)، ولما جاء في الحديث المروي من طرق: «من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار.» وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الباب السادس
العدالة والضبط1
وهنالك نقد داخلي سلبي، يكشف الستار عن مآرب المؤلف وأهوائه ودرجة تدقيقه في الرواية، فيظهر لنا مقدار ما عنده من العدالة والضبط أو ما ينقصه منهما، والمؤرخ العربي في أشد الحاجة إلى مثل هذا النوع من النقد، ولا سيما وأنه لا يزال في العالم العربي من يقول قول فنلون الإفرنسي ويحذو حذوه:
فما كتب التاريخ في كل ما روت
لقرائها إلا حديث ملفق
نظرنا لأمر الحاضرين فرابنا
فكيف بأمر الغابرين نصدق
على ما عرف من جمهور علماء الحديث وعلى ما أنتجه قرائح رجال الغرب في القرنين الأخيرين في هذا السبيل، حتى كاد بعضهم يحشر مسألة معالجة التاريخ من بعض نواحيه بين العلوم الثابتة، ولكن صاحبنا شاعر، والشعراء يتبعهم الغاوون.
ومن الغريب أن ما أورده شاعرنا، في سبيل الهزء والسخرية، في البيت الثاني، إنما هو قاعدة من القواعد التي يرتكز عليها علم التأريخ، وقد قال علماء التاريخ: شك المؤرخ رائد حكمته ، وقالوا: الأصل في التأريخ الاتهام لا براءة الذمة.
Shafi da ba'a sani ba