Mai Ceto
المنقذ: قراءة لقلب أفلاطون (مع النص الكامل للرسالة السابعة)
Nau'ikan
ولهذا أحس في نفسه الرغبة في استيضاح هذه الأمور، كما دفعه في نفس الوقت إلى ذلك طموحه الشديد. أما السبب الذي جعله لا يتعلم مني شيئا أثناء فترة إقامتي الأولى فقد شرحته منذ قليل بالتفصيل.
وبعد أن رجعت سالما إلى وطني وبعثت إليه برفضي لدعوته الثانية - كما سبق أن قلت - شعر فيما يبدو بالقلق الشديد من أن يتصور بعض الناس أن رأيي في طبعه ومواهبه رأي سيئ - خصوصا بعد أن عرفت طريقة حياته عن قرب - وأن اشمئزازي منه هو الذي صدني عن زيارته (339أ).
إني أرى من واجبي الآن أن أروي الحقيقة وأتحمل أيضا ما يمكن أن يترتب عليها لو سمع أحد بما حدث فحاول أن يحتقر فلسفتي ويشيد بذكاء الطاغية. فقد بعث ديونيزيوس في طلبي للمرة الثالثة، وأرسل إلي مركبا بحريا «بثلاثة صفوف من المجاديف» لكي ييسر علي مشقة السفر بقدر الإمكان. وجاء معها «أرخيديموس» وهو أحد تلاميذ أرخيتاس وبصحبته عدد آخر من معارفي الصقليين، وقد أرسله ديونيزيوس لاعتقاده بأنني أقدره أكثر من أي إنسان آخر في صقلية
7 (339د)، وقد أخبرنا هؤلاء جميعا نفس الخبر، وهو أن ديونيزيوس قد حقق تقدما ملحوظا في الفلسفة . كذلك أرسل إلي خطابا مطولا؛ إذ كان يعلم مدى حبي لديون، كما يعلم مدى لهفته على سفري وعودتي لسيراقوزة. وقد دار الخطاب كله حول هذه النقطة، وبدأ بهذه الكلمات تقريبا: «ديونيزيوس يحيي أفلاطون»، وبعد التحية التقليدية انتقل بغير تمهيد إلى هذه العبارات: «إذا لبيت دعوتي ورجعت إلى صقلية، فسوف تسوى مسألة ديون على الوجه الذي يرضيك - وأنا متأكد أن مطالبك ستكون معقولة؛ ولهذا فلن أتردد في الاستجابة لها - أما إذا رفضت فلن يتم أي شأن من شئونه، وبخاصة شئونه الصحية، على الصورة التي تحبها». كانت هذه هي كلماته، والاستطراد في ذكر عباراته يستغرق وقتا طويلا ولا يفيدنا فيما نحن بصدده . وجاءتني كذلك خطابات أخرى من أرخيتاس والأصدقاء في تارنت. وكلها تشيد بتقدم ديونيزيوس في الفلسفة، وتشير إلى أنني إن لم أحضر على الفور فسوف أعرض للخطر الشديد علاقات الصداقة التي أقمتها بنفسي بينهم وبين ديونيزيوس، وهي - في نظرهم - علاقات ذات أهمية سياسية قصوى. فلما جاءت دعوة ديونيزيوس على هذه الصورة، ووجدت أن أصدقائي في صقلية وتارنت يشدونني من جهة، بينما يكاد أصدقائي في أثينا يتعجلون خروجي من البلاد بإلحافهم، واجهتني نفس الحجة التي واجهتها من قبل، وهي أنه لا يحق لي أن أتخلى عن ديون «أو أخون الأصدقاء والحلفاء في تارنت. وشعرت - فضلا عن ذلك - بأنه لا يستغرب من شاب»
8 (339ه) التقط بعض الأحاديث الجادة التي سمعها من هنا أو هناك أن تشتاق نفسه إلى اتباع أفضل سبل الحياة، وهكذا رأيت من واجبي أن أفحص الأمر من كل نواحيه بعناية شديدة، ورأيت ألا أرفضه منذ البداية لكيلا أستحق اللوم الذي سيوجه إلي لو صحت الأنباء التي وصلتني،
9
ومن ثم قمت برحلتي مستترا وراء الحجة التي ذكرتها،
10
ولكن قلبي كان مفعما بالقلق والهم، ولم يكن لدي - كما يمكن أن تتوقعوا ذلك بسهولة - أي أمل في النجاح، وعندما وصلت إلى هناك اكتشفت أن هذه الكلمة المأثورة تنطبق علي: الثالثة ثابتة،
11
Shafi da ba'a sani ba