بن عبد الأحد القُمِّي: «وكان يجدِّد الوضوء فيخرج من الجامع ويذهب إلى النيل - ومن الجامع إلى النيل مسافة - فيجدِّد وضوءه ثم يرجع»، وفي كتاب الحَمْشَاذي: «قيل: إن المُزَني كان يصلِّي بمصر الصلوات جماعة، فربما يخرج للطهارة ويتباعد إلى النيل، فإذا رجع وجدهم قد فرغوا من الصلاة، فيعيد تلك الصلاة خمسًا وعشرين مرة» (^١).
وقال يوسف بن عبدالأحد القُمِّيُّ: «صحبت المُزَني ليلة شاتية وبعينه رمد، فكان يجدِّد الوضوء ثم يدعو، ثم ينعس فيقوم ثانيًا فيجدِّد الوضوء، حتى فعل ذلك سبع عشرة مرة» (^٢).
وكان بعيدًا عن موارد الفتنة، مجانبًا عن مصاحبة أهل السلطة، فلم يتولَّ في حياته قضاءً أو منصبًا، بل قال يوسف بن عبدالأحد القُمِّيُّ: «كان إذا استقبله ابن عبدالحكم ومعه جماعة من القضاة، والقلانس على رءوسهم .. يقف ثم يقول: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾ [الفرقان: ٢٠]، ثم يرفع رأسه ويقول: بلى ربنا نصبر، بلى ربنا نصبر» (^٣).
وقد روى عنه ابن أخته أبو جعفر الطَّحَاوي قال: حدثنا المُزَني قال: أخبرني أبو بكر الحميدي، عن سفيان، عن خلف بن حوشب، قال: قال عيسى ابن مريم ﵇ للحواريِّين: «كما ترك الملوك الحكمة فاتركوهم والدنيا» (^٤)، قلت: وكذلك فعل المُزَني.
_________
(^١) انظر «مناقب الشافعي» (٢/ ٣٤٩) للبَيْهَقي، و«الطبقات» (٢/ ٩٤) للسُّبْكي.
(^٢) انظر «مناقب الشافعي» للبَيْهَقي (٢/ ٣٤٩).
(^٣) انظر «مناقب الشافعي» (٢/ ٣٤٩) للبَيْهَقي.
(^٤) أخرجه البَيْهَقي في «المناقب» (٢/ ٣٥٥).
المقدمة / 46