وهذه الرواية وردت في نسخة مكتبة حمَّاد بن محمد الأنصاري، وهي نسخة فيما يبدو أصابها الكثير من التحريف والزيادة والنقص، فلا ينبغي الأخذ بها إلا حيث وافقت الأولى أو فسَّرتها.
وبالنظر في مقدمة الروايتين يُعلم أن تُهْمَة المُزَني في المعتقد قد جاوزت حدود مصر حتى بلغت طرابلس المغرب، كما جاوزت مسألة خلق القرآن حتى شملت مسائل الإيمان والقدر وجملة المعتقد، فكان ذلك سببًا في طلبهم إليه كتابة رسالة تبيِّن معتقده، لكن مرجع الروايتين إلى علي بن عبدالله الحَلَواني، وهو مجهول، كما أن حامل الرسالة إليه مبهم أيضًا، والحسن بن علي اليازوري الراوي عنه في الرواية الأولى مجهول، وأبو محمد الجلياني وأبوه وعبدالكريم بن عبدالرحمن بن معاذ بن كثير في إسناد الرواية الثانية مجاهيل، ومعلوم أن إسنادًا بهذا القدر لا ينبغي الاعتماد عليه، لكن إقرار أمثال سعد الزِّنْجَاني وأبي طاهر السلفي والذهبي وابن القيم يُضفي عليها صفة الشرعية مع يقيننا بأن مضمون المعتقد في الجملة هو عقيدة سلفنا الصالح، وهو عقيدة المُزَني منهم ما لم يثبت خلافه، ويؤيد بعضه ما ثبت عنه من المسائل بالأسانيد الصحيحة كما سيأتي إن شاء الله.
وقد نشر هذه العقيدة جمال عزون جزاه الله خيرًا معتمدًا على النسختين مع ما أورده ابن القيِّم والذهبي في كتابيهما، إلا أن لي نظرًا في بعض اختياراته، فرأيت إيراد الكتاب على ما رأيت أنا، ومن أراد تفصيل فروق النسخ فعليه بالنسخة المطبوعة.
المقدمة / 37