مخلوق؟ فنظر إلينا فقال: ألم أقل لكم: إني كنت أمتنع من أجل أني أطالب بمثل هذا؟! قال أبو القاسم: فقلت أنا أتولَّى عنك جوابه، قال: شأنك، فمضيت إليه فقلت له: إن رسولك جاء إلى أبي إبراهيم بكذا وكذا، فجئت لأتولَّى عنه الجواب وأنا أحد من يحمل عنه العلم، فقال: ما حجتك؟ فقلت له: أقول: القرآن غير مخلوق، وأدلُّ عليه بكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ وإجماع أمته، ومن حجج العقول التي ركَّبها الله في عباده، قال: فأوردت عليه ذلك فبقى متحيِّرًا»، أخرجه البيهقي وقال: «فالمُزَني ﵀ كان رجلًا ورعًا وزاهدًا يتجنَّب السلاطين، فامتنع من الكلام مخافة أن يُبْتَلَى بالدخول عليهم، مع ما شاهد من محنة البُوَيْطي وأمثاله من أهل السنة في أيام المعتصم والواثق» (^١).
وأخرج اللالكائي عن إبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسِيّ المصري أنه قال: «كنا عند نُعَيْم بن حمَّاد جلوسًا، فقال نُعَيْم للمُزَني: ما تقول في القرآن؟ فقال: أقول إنه كلام الله، فقال: غير مخلوق؟ فقال: غير مخلوق، قال: وتقول إن الله يرى يوم القيامة؟ فقال: نعم، قال: فلما افترق الناس قام إليه المُزَني فقال: يا أبا عبد الله، شهرتني على رءوس الناس، فقال: إن الناس قد أكثروا فيك فأردت أن أبرِّئك» (^٢).
وأخرج الذهبي عن أبي زرعة الرازي أنه قال: «بلغني عنه أنه تكلَّم في لفظي بالقرآن مخلوق، فلما خرج عبد الرحيم إليه أمرته أن يسأله عن ذلك، قال: فبكى وقال: معاذَ الله» (^٣).
_________
(^١) انظر «مناقب الشافعي» للبَيْهَقي (١/ ٤٦٦).
(^٢) انظر «شرح اعتقاد أهل السنة» (رقم: ٨٩١).
(^٣) انظر «تذكرة الحفَّاظ» (٢/ ٧٤٣).
المقدمة / 34