Takaitaccen Tafsirin Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Mai Buga Littafi
دار القرآن الكريم
Lambar Fassara
السابعة
Shekarar Bugawa
1402 AH
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
Tafsiri
- ٢١٣ - كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
قال ابن جرير: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَآدَمَ عَشَرَةُ قُرُونٍ، كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْحَقِّ، فَاخْتَلَفُوا فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ ﴿كان الناس أُمَّةً وَاحِدَةً فاختلفوا﴾، قال قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ قَالَ: كَانُوا عَلَى الْهُدَى جَمِيعًا ﴿فَاخْتَلَفُوا فَبَعَثَ الله النبيين﴾ فكان أول من بعث نوحًا. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ يَقُولُ: كَانُوا كُفَّارًا ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ سَنَدًا وَمَعْنًى، لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا على ملة آدم حَتَّى عَبَدُوا الْأَصْنَامَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نُوحًا ﵇، فَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إلى أهل الأرض، ولهذا قال تعالى: ﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ أَيْ مِنْ بَعْدِ مَا قَامَتْ الحجج عليهم، وما حملهم على ذلك إلى الْبَغْيُ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ ﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ وعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فهذا اليوم الذي اختلفوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ فَغَدًا لِلْيَهُودِ، وبعد غدٍ للنصارى».
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾ فَاخْتَلَفُوا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاتَّخَذَ الْيَهُودُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْأَحَدِ، فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِبْلَةِ، فَاسْتَقْبَلَتِ النَّصَارَى الْمَشْرِقَ، وَالْيَهُودُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لِلْقِبْلَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي ⦗١٨٨⦘ الصَّلَاةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْكَعُ وَلَا يَسْجُدُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْجُدُ وَلَا يَرْكَعُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي وَهُوَ يَتَكَلَّمُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي وَهُوَ يَمْشِي، فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لِلْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي الصِّيَامِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَصُومُ بَعْضَ النَّهَارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَصُومُ عَنْ بَعْضِ الطَّعَامِ، فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لِلْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِبْرَاهِيمَ ﵇ فَقَالَتِ الْيَهُودُ: كَانَ يَهُودِيًّا، وَقَالَتِ النَّصَارَى: كَانَ نَصْرَانِيًّا وَجَعَلَهُ اللَّهُ حَنِيفًا مُسْلِمًا فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لِلْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي عِيسَى ﵇، فَكَذَّبَتْ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالُوا لِأُمِّهِ بُهْتَانًا عَظِيمًا، وَجَعَلَتْهُ النَّصَارَى إِلَهًا وَوَلَدًا، وَجَعَلَهُ اللَّهُ رُوحَهُ وَكَلِمَتُهُ، فَهَدَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ للحق من ذلك. وَكَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ يَقُولُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ المخرج من الشبهات والضلالات والفتن.
وقوله تعالى: ﴿بِإِذْنِهِ﴾ أي بعلمه بهم وبما هَدَاهُمْ لَهُ قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ ﴿وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَآءُ﴾ أَيْ مِنْ خَلْقِهِ ﴿إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ أي وله الحكمة وَالْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي يَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: «اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، وَلَا تَجْعَلْهُ مُلْتَبِسًا عَلَيْنَا فَنَضِلَّ، وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا».
1 / 187