131

Takaitaccen Tafsirin Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Mai Buga Littafi

دار القرآن الكريم

Lambar Fassara

السابعة

Shekarar Bugawa

1402 AH

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tafsiri
- ٢١٠ - هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
يَقُولُ تَعَالَى مُهَدِّدًا لِلْكَافِرِينَ بِمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ﴾ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، فَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ. وَلِهَذَا قال تعالى: ﴿وقضي الأمر وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور﴾، وَقَالَ: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ الآية.
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ ههنا حَدِيثَ الصُّورِ بِطُولِهِ مِنْ أَوَّلِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ سَاقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهِمْ، وَفِيهِ: أَنَّ النَّاسَ إِذَا اهْتَمُّوا لِمَوْقِفِهِمْ فِي الْعَرَصَاتِ، تَشَفَّعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِالْأَنْبِيَاءِ وَاحِدًا وَاحِدًا مِنْ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ، فَكُلُّهُمْ يَحِيدُ عَنْهَا حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى محمد ﷺ فَإِذَا جَاءُوا إِلَيْهِ قَالَ: «أَنَا لَهَا، أَنَا لَهَا»، فَيَذْهَبُ فَيَسْجُدُ لِلَّهِ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَيَشْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ فِي أَنْ يَأْتِيَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ وَيَأْتِي فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ بَعْدَ مَا تَنْشَقُّ السَّمَاءُ الدُّنْيَا وَيَنْزِلُ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ الثَّانِيَةُ ثُمَّ الثَّالِثَةُ إِلَى السَّابِعَةِ، وَيَنْزِلُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَالْكَرُوبِيُّونَ. قَالَ: وَيَنْزِلُ الْجَبَّارُ ﷿ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ، وَلَهُمْ زَجَلٌ مِنْ تَسْبِيحِهِمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، سُبْحَانَ ذي العزة والجبروت، سُبْحَانَ الْحَيِّ الذِي لَا يَمُوتُ، سُبْحَانَ الذِي يُمِيتُ الْخَلَائِقَ وَلَا يَمُوتُ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الملائكة والروح، سبوح قُدُّوسٌ سُبْحَانَ رَبِّنَا الْأَعْلَى، سُبْحَانَ ذِي السُّلْطَانِ والعظمة، سبحانه سبحانه، أبدًا أبدًا.
- ٢١١ - سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
- ٢١٢ - زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
يخبر تعالى عن بني إسرائيل كم شَاهَدُوا مَعَ مُوسَى مِنْ آيَةً بَيِّنَةً، أَيْ حجة قاطعة بصدقه فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ، كَيَدِهِ وَعَصَاهُ وَفَلْقِهِ الْبَحْرَ وَضَرْبِهِ الْحَجَرَ، وَمَا كَانَ مِنْ تَظْلِيلِ الْغَمَامِ عليهم من شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمِنْ إِنْزَالِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَى وُجُودِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ، وَصِدْقِ مَنْ جَرَتْ هَذِهِ الْخَوَارِقُ عَلَى يَدَيْهِ، وَمَعَ هَذَا أَعْرَضَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَنْهَا، وَبَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا، أَيِ اسْتَبْدَلُوا بِالْإِيمَانِ بِهَا الْكُفْرَ بِهَا وَالْإِعْرَاضَ عَنْهَا: ﴿وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب﴾، كما قال تعالى إِخْبَارًا عَنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ القرار﴾.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ تَزْيِينِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا لِلْكَافِرِينَ، الَّذِينَ رَضُوا بِهَا وَاطْمَأَنُّوا إِلَيْهَا، وَجَمَعُوا الْأَمْوَالَ وَمَنَعُوهَا عَنْ مَصَارِفِهَا التِي أُمروا بِهَا، مِمَّا يُرْضِي اللَّهَ عَنْهُمْ، وَسَخِرُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْهَا، وَأَنْفَقُوا مَا حَصَلَ لهم منها طاعة ربهم، وبذلوه ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، فَلِهَذَا فَازُوا بِالْمَقَامِ الْأَسْعَدِ وَالْحَظِّ الْأَوْفَرِ يَوْمَ مَعَادِهِمْ، فَكَانُوا فَوْقَ ⦗١٨٧⦘ أُولَئِكَ في محشرهم ومنشرهم ومسيرهم ومأواهم، فاستقورا فِي الدَّرَجَاتِ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَخُلِّدَ أُولَئِكَ في الدركات في أسفل سافلين، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أَيْ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ مِنْ خَلْقِهِ، وَيُعْطِيهِ عَطَاءً كَثِيرًا جَزِيلًا، بِلَا حَصْرٍ وَلَا تَعْدَادٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «ابْنَ آدَمَ أنفقْ أُنفقْ عَلَيْكَ»، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أنفقْ بِلَالًا وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالَا»، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾. وَفِي الصَّحِيحِ: "أَنَّ مَلَكَيْنِ يَنْزِلَانِ مِنَ السَّمَاءِ صبيحة كل يوم فيقول أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا، وَفِي الصَّحِيحِ: "يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، وَمَا لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، وَمَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ"، وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ، وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ».

1 / 186