تدعي الإسلام فأدبٌ وتَقْدمه دون المُثلَة، وإن كانـ[ـت] ذِمِّية فلَعَمْري لَمَا صفحت عنه من الشِّرك، أعظم، ولو كنتُ تقدمتُ إليك في مثل هذا لبلغت مكروهك، فاقبل الدَّعَة وإياك والمُثْلَة في الناس، فإنها مأثَم ومَنْفَرة إلا في قِصاصٍ.
وذكر هذه القصة غير سيف (^١)، وهذا يوافق ما تقدَّم عنه: أنه من شتم النبي ﷺ كان له أن يقتله، وليس ذلك (^٢) لأحدٍ بعده، وهذا صريح في وجوب قتل من سبَّ النبي ﷺ من مسلمٍ ومعاهد، وإن كانت امرأةً، وأنه يُقتل بدون استتابةٍ، بخلاف من سبَّ الناس، وأن قتلها (^٣) حدٌّ للأنبياء، كما أن جَلد من سبَّ غيرهم حدٌ له، وإنما لم يأمره بقتْلِها؛ لأنه اجتهد فيها وعمل لها حدًّا، فكَرِهَ أبو بكر أن يجمعَ عليها حدَّين، ويُحْتمل أنها أسلمت أو تابت فقبِل المُهَاجِر توبتَها قبل كتابِ أبي بكرٍ، وهو محلُّ اجتهادٍ سبق فيه حكمٌ فلم يُغيِّرْه أبو بكرٍ؛ لأن الاجتهاد لا يُنقض بالاجتهاد.
وروى حَرْبٌ في "مسائله" (^٤) عن ليث عن مجاهد قال: أُتي عمر ﵁ برجلٍ سبَّ النبي ﷺ فقتله ثم قال: من سبَّ الله أو رسولَه أو أحدًا من أنبيائه فاقتلوه.
_________
(^١) كالطبري في "التاريخ": (٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، لكنها من طريق سيفٍ أيضًا. وسندها فيه انقطاع مع ضعف سيف بن عمر.
(^٢) في الأصل "لذلك"! وهو سبق قلم.
(^٣) كذا بالأصل وبعض نسخ الصارم، وفي أخرى: "قتله".
(^٤) "مسائل حرب للإمام أحمد" لا تزال مخطوطة لم تطبع بعدُ.
1 / 79