فصلٌ (^١)
وأما إجماع الصحابة ﵃؛ فقد نُقِل ذلك عنهم في قضايا متعدِّدة منتشرة مستفيضة، ولم يُنكرها أحدٌ منهم = فصارت إجماعًا.
قال شيخ الإسلام: واعلم أنَّه لا يمكن ادَّعاء إجماع الصحابة على مسألةٍ فرعيَّةٍ بأبلغَ من هذه الطريق.
فمن ذلك ما ذكره سيفُ بن عُمر التميمي (^٢) قال: رُفِعَ إلى المُهَاجِر (^٣) امرأتان مُغَنِّيَتَان، غنت إحداهما بشتم النبي ﷺ؛ [فـ]ـقطع يدها وَنزعَ ثناياها، وغنَّت الأخرى بهجاء المسلمين؛ فقطع يدها ونزع ثنيَّتها.
فكتب إليه أبو بكرٍ: بلغني الذي سِرْت به في المرأة التي غنَّت بشَتْم النبي ﷺ، فلولا ما قد سبقتني فيها لأَمَرْتُك بقَتْلِها؛ لأن حدَّ الأنبياء ليس يُشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلمٍ فهو مرتدٌّ، أو معاهد فهو محارب غادِر.
وكتب إليه في التي تغنَّت بهجاء المسلمين: أما بعد فإنه بلغني أنك قطعتَ يدَ امرأةٍ تغنَّت بهجاء المسلمين ونزَعْت ثنيَّتَّها، فإن كانت ممن
_________
(^١) "الصارم": (٢/ ٣٧٨).
(^٢) في كتاب "الردة والفتوح".
(^٣) هو: المهاجر بن أبي أمية المخزومي، أخو أم سلمة أم المؤمنين، شهد بدرًا، وبعثه أبو بكر لقتال المرتدين جهة اليمن. "الإصابة": (٣/ ٤٦٥).
1 / 78