Zababbun Labarai daga Tatsuniyoyin Turanci
مختارات من القصص الإنجليزي
Nau'ikan
ولم يبد على محياه الوسيم الساكن قلق من جراء هذه النذر. أما أنه كان يدرك البواعث على هذا التغيير، فشيء آخر. وقال يناجي نفسه: «أحسبهم يطلبون واحدا. وعسى أن أكون أنا المطلوب.» ورد إلى جيبه المنديل الذي كان ينفض به التراب عن حذائيه النظيفين، وأعفى نفسه من عناء التخمين.
والواقع أن حلة «بوكر فلات» كانت «تطلب واحدا» فقد منيت أخيرا بخسارة عدة آلاف من الريالات، وحصانين عتيدين،
1
ورجل من أبرز رجالها، فغضبت لهذا، وانتابتها نوبة فضيلة، وثارت نفوسها ثورة جامحة جائحة كالأعمال التي استفزتها وأخرجتها عن طورها. واعتزمت لجنة سرية أن تطهر الحلة من الطغام والرذال وغير الصالحين. وقد طهرتها على وجه حاسم من رجلين كانا حينئذ معلقين من جميزة في بطن الوادي، ومن آخرين لا ترضى سجاياهم، بالنفي. ويؤسفني أن أقول إن بين هؤلاء المنفيين نساء. على أن واجب الإنصاف لهذا الجنس يقتضي أن نذكر أن هؤلاء كن محترفات لما أثار السخط عليهن، وأن حلة «بوكر فلات» ما اجترأت على القعود مقعد الحكم إلا على هؤلاء.
وقد أصاب المستر أوكهيرست في اعتقاده أنه داخل في هذه الزمرة. وقد ذهب بعض أعضاء اللجنة إلى وجوب شنقه ليعتبر بمصيره غيره، وليستردوا ما غنمه من مالهم في القمار. وقال جيم ويلو في الاحتجاج لذلك: «إنه ليس من العدل أن نسمح لهذا الشاب الذي جاء من «رورن كامب» - فهو غريب - أن يحمل مالنا ويمضي به.» ولكن الشعور بالعدل في نفوس الذين كتب لهم حسن الحظ أن يربحوا من المستر أوكهيرست تغلب على هذا الهوى والجنف.
وتلقى المستر أوكهيرست الحكم عليه بمثل سكينة الفيلسوف، وخاصة لأنه كان يدرك ما يخالج قضاته من التردد. وقد علمه القمار أن يتقبل ما تجيء به المقادير. ولم تكن حياته إلا لعبة مجهولة العواقب، وما كان يخفى عليه مقدار حظ الموكل بالتوزيع.
ورافقت المنفيين سرية من المسلحين إلى ما وراء حدود الحلة، وكان هناك غير المستر أوكهيرست - الذي كان مشهورا بأنه مجازف رابط الجأش، والذي أريد إرهابه بهذا الحرس المسلح - امرأة في مقتبل العمر يطلقون عليها اسم «الدوقة» وأخرى تعرف باسم «الأم شبتون» ثم «العم بيللي» وهو سكير مدمن متهم باللصوصية. ولم يثر مرور الركب أية ملاحظة من النظارة، ولا نطق الحرس بكلمة، إلا بعد أن بلغوا بطن الوادي الذي لا تتجاوزه حدود الحلة، فقد تكلم الرئيس بإيجاز وأنذرهم الموت إذا عادوا.
وما كاد الحرس يغيب عن النظر حتى انطلق ما كان محبوسا من المشاعر فذرفت الدوقة بضع عبرات، وأجرت الأم شبتون لسانها ببضع شتمات، وأطلق العم بيللي سيلا من اللعنات. أما أوكهيرست الفيلسوف فقد لزم الصمت، وكان يصغي وهو وادع ساكن إلى ما تعرب عنه الأم شبتون من الرغبة في جز بعض الرقاب، وإلى ما أبدأت فيه الدوقة وأعادت، من أنها ستموت في بعض الطريق لا محالة، وإلى اللعنات الحرار التي كانت تخرج من فم العم بيللي وهو راكب وكأنها تطرد من جوفه طردا، وقد آثر أوكهيرست المساناة على عادة أمثاله، فأصر على أن يترك جواده للدوقة ويركب هو بغلها البليد، على أن هذه المجاملة لم تجعل الجماعة أشد تعاطفا وأوثق مودة، فعدلت الدوقة قبعتها المريشة القذرة بدلال فاتر، ورمت الأم شبتون الجواد بالنظر الشذر، وصب العم بيللي على الجماعة كلها لعنة شاملة.
وكان الطريق إلى «ساندي بار» - وهي حلة لم تمتد إليها عوامل الصلاح من بوكر فلات، فثم أمل في أن يأوي إليها المهاجرون - على جبال وعرة منقادة في الأرض، والمسافة إليها سفر يوم لا هوادة فيه، وما لبث القوم أن جاوزوا الوادي الرطب المعتدل الجو إلى الجبال الجافة الباردة المنعشة الهواء، وكان طريقهم في الجبل ضيقا كالأنبوب، ووعرا صعب المرتقى. ولما انتصف النهار تدحرجت الدوقة عن سرجها إلى الأرض وأعلنت أنها لن تنتقل من مكانها، فألقى الجماعة عصا التسيار.
وكان المكان الذي وقفوا فيه موحشا إلا أنه رائع، فقد كان عبارة عن مدرج من الشجر تحيط به من جهات ثلاث صخور وعرة من الصوان العاري، وينحدر في رفق ولين إلى ذروة نجوة مشرفة على الوادي، وكان هذا بلا شك أصلح مكان للإقامة لو كان ذلك من سداد الرأي. غير أن المستر أوكهيرست كان يعلم أنهم ما قطعوا نصف المسافة إلى «ساندي بار» وأنه ليس معهم من المئونة والعدة ما يسمح بالتلكؤ، وقد نبه رفقاءه إلى هذا بإيجاز وبين لهم خطل الكف عن مواصلة «اللعب» قبل الفراغ منه ولكنه كان معهم خمر، وقد نابت الخمر عندهم في ذلك الموقف مناب الطعام والوقود والراحة والعقل وبعد النظر. ولم يمض غير قليل حتى كان الشراب قد فعل فعله على الرغم من اعتراض أوكهيرست وتحذيره. وانتقل العم بيللي بسرعة من حالة الشراسة إلى حالة الخمود. وأخذ الشراب في الدوقة فأصابها منه فتار،
Shafi da ba'a sani ba