Mujaz
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
الذين زعموا أن المعرفة بالله والجهل به اضطرار، وليس ذلك من قولهم، ولا يكون العلم بالاستدلالات اضطرارا، فإن قالوا بأنها اكتساب قيل: فأنى اكتسبوها؟ قالوا: إذا فكروا علموا، قلنا: قد نجد من يتفكر ولا يعلم، قالوا: لا يكون من يتفكر من جهة التفكر إلا وقد علم، كما لا يجوز عندكم أن يستدل من جهة الاستدلال إلا وقد علم، قلنا: ومن جعل الاستدلال نظيرا للفكر؟ والاستدلال نفسه هم العلم بالدليل والمدلول عليه، والفكر في نفسه عندكم ليس بعلم، وإنما هو سبب له، ومع ذلك لا يكون الاستدلال من المستدل إلا من دال يدله على الاستدلال، وليس الفكر كذلك حين زعمتم أن صاحبه ليس بذي حاجة إلى مرشد يرشده إلى الفكر، وعلى أن العقول لو رجعوا إلى ما يجدونه في عقولهم، ويعرفونه في أنفسهم لعلموا أنهم لا يصلون إلى علم شيء مما ذكرتم إلا بأن ينبهوا عليه ويرشدوا إليه، وقد وجدناهم فكروا بغاية الفكر، وقاسوا نهاية القياس، فأزالوا بفكرهم الربوبية، وأبطلوا بقياسهم الوحدانية، وفكروا فقالوا: إلهين اثنين، وفكروا فقالوا: ثالث ثلاثة، وفكروا فقالوا: جسم من الأجسام، في جميع ما أخطأ فيه أهل الفكر، على أن الله يناديهم ب (إنني أنا الله لا إله إلا أنا) (¬1) ، وأنا (الحق المبين) (¬2) ، ولأصحاب الاثنين: (لا تتخذوا إلهين اثنين) (¬3) ، (ولا تجعلوا مع الله إلها آخر) (¬4) ، وللنصارى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) (¬5) ، ولأهل التجسيم: (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) (¬6) ، وللمجوس (¬7) وأهل القدر: (هل من خالق غير الله) (¬8) .
¬__________
(¬1) سورة طه آية رقم 14.
(¬2) سورة النور آية رقم 25.
(¬3) سورة النحل آية رقم 51، وقد جاءت الآية محرفة في المطبوعة حيث قال: "ولا" بدلا من "لا".
(¬4) سورة الذاريات آية رقم 51.
(¬5) سورة المائدة آية رقم 75.
(¬6) سورة البقرة آية رقم 22.
(¬7) سبق الحديث عن المجوس في كلمة وافية.
(¬8) سورة فاطر آية رقم 3.
Shafi 162