Muharrar Wajiz
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
Editsa
عبد السلام عبد الشافي محمد
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambar Fassara
الأولى - 1422 هـ
وقوله تعالى: وإذا قيل لهم يعني كفار العرب، وقال ابن عباس: نزلت في اليهود، وقال الطبري: الضمير في لهم عائد على الناس من قوله يا أيها الناس كلوا، وقيل: هو عائد على من في قوله ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا [البقرة: 165] ، واتبعوا معناه بالعمل والقبول، وما أنزل الله هو القرآن والشرع، وألفينا معناه وجدنا، قال الشاعر: [المتقارب]
فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلا قليلا
والألف في قوله أولو للاستفهام، والواو لعطف جملة كلام على جملة، لأن غاية الفساد في الالتزام أن يقولوا نتبع آباءنا ولو كانوا لا يعقلون، فقرروا على التزامهم هذا إذ هذه حال آبائهم.
وقوة ألفاظ هذه الآية تعطي إبطال التقليد، وأجمعت الأمة على إبطاله في العقائد.
وقوله تعالى: ومثل الذين كفروا الآية، المراد تشبيه واعظ الكافرين وداعيهم والكافرين الموعوظين بالراعي الذي ينعق بالغنم أو الإبل فلا تسمع إلا دعاءه ونداءه ولا تفقه ما يقول، هكذا فسر ابن عباس وعكرمة والسدي وسيبويه.
قال القاضي أبو محمد: فذكر بعض هذه الجملة وترك البعض، ودل المذكور على المحذوف وهذه نهاية الإيجاز.
والنعيق زجر الغنم والصياح بها، قال الأخطل: [الكامل]
انعق بضأنك يا جرير فإنما ... منتك نفسك في الخلاء ضلالا
وقال قوم: إنما وقع هذا التشبيه براعي الضأن لأنها من أبلد الحيوان، فهي تحمق راعيها، وفي المثل أحمق من راعي ضأن ثمانين، وقد قال دريد لمالك بن عوف في يوم هوازن «راعي ضأن والله» ، وقال الشاعر: [البسيط]
أصبحت هزءا لراعي الضأن يهزأ بي ... ماذا يريبك مني راعي الضأن
فمعنى الآية أن هؤلاء الكفرة يمر الدعاء على آذانهم صفحا يسمعونه ولا يفقهونه إذ لا ينتفعون بفقهه، وقال ابن زيد: المعنى في الآية: ومثل الذين كفروا في اتباعهم آلهتهم وعبادتهم إياها كمثل الذي ينعق بما لا يسمع منه شيئا إلا دويا غير مفيد، يعني بذلك الصدى الذي يستجيب من الجبال، ووجه الطبري في الآية معنى آخر، وهو أن المراد: ومثل الكافرين في عبادتهم آلهتهم كمثل الذي ينعق بشيء بعيد منه فهو لا يسمع من أجل البعد، فليس للناعق من ذلك إلا النداء الذي يتعبه ويصبه، فإنما شبه في هذين التأويلين الكفار بالناعق والأصنام بالمنعوق به، وشبهوا في الصمم والبكم والعمى بمن لا حاسة له لما لم ينتفعوا بحواسهم ولا صرفوها في إدراك ما ينبغي، ومنه قول الشاعر: [الرجز] أصم عما ساءه، سميع ولما تقرر فقدهم لهذه الحواس قضى بأنهم لا يعقلون إذ العقل كما قال أبو المعالي وغيره: علوم
Shafi 238