وهذه أشياء ظاهرة يدركها الفيلسوف من الناس في زمان قليل إذا قاس كواكب عدة سنين وحالاتها إلى كواكب سنين غيرها من حلولها في البروج النارية أو الأرضية أو الهوائية أو المائية في أي موضع يكون من البرج بعد أن يعرف طبيعة البرج وأدلته وكذلك فعل الأولون الذين رصدوا الكواكب فإن الرجل منهم لم يرصد الكواكب ألف سنة ولا خمس مائة سنة ولا كان بلغ عمر الرجل العالم منهم هذه السنين ولكن كان الرجل العالم بالقياس يقيس الكواكب زمانا من عمره فيعرف المواضع التي يجدها فيها في أوقاته تلك ويكتب مواضعها من البروج وتأريخ قياساته فإذا أتى على ذلك القياس سنون كثيرة انتدب بعض حكماء أهل ذلك الزمان فقاس الكواكب واعتبر بين مكانها عند قياسه لها وبين مكانها في وقت قياس من كان قبله ممن كان يوثق بقياسه ليعرف صواب ذلك
وبمثل هذا العمل أدرك بطلميوس الحكيم حقيقة مواضع الكواكب لأنه نظر إلى قياسات الكواكب التي كان قاسها من كان قبله بزمان كثير كإ برخيس وغيره من الحكماء الموثوق بقياسهم فعرفها ثم قاس هو في زمانه مواضع الكواكب سنين كثيرة ونظر ما بين قياسه وقياس أولائك الأولين من الاختلاف فعرفه وبحث عنه بحثا شافيا حتى عرف عللها وصح له مواضعها بما تقدم من قياس الأولين لها
Shafi 130