330

فقلنا إن حالات الأجسام الموجودة عندنا في هذا المعنى على أربعة أنحاء أحدها التركيب والثاني الاختلاط والثالث الاجتماع والرابع الامتزاج والأجسام إما جامدة وإما سيالة

فأما الجامدة فإذا كانت أجزاؤها كبارا وتركب بعضها مع بعض كان منها أشياء مختلفة الأشكال كالخشب إذا تركب مع الخشب كان منه الباب والكرسي أو شيء آخر ومنها ما أجزاؤه صغار فإذا اجتمع بعضها مع بعض بهيئتها الطبيعية يقال لها مختلطة وذلك كالحنطة مع الشعير وما أشبههما

والأجسام السيالة إما أن تجتمع شيئان من جنس واحد كالماء مع الماء والخمر مع الخمر فيقال لهما مجتمعان وإما أن يقف بعضها فوق بعض مثل الدهن والماء فيقال لهما ممتزجان بالاستعارة وإما أن يكون أحدهما خلاف الآخر وتتداخل أجزاء بعضها في بعض ويفسد أحدهما الآخر فيحدث من امتزاجهما شيء ثالث غيرهما ويكون في ذلك الأجسام السيالة والجامدة فأما في الأجسام السيالة فكمثل الماء واللبن والماء والخمر وما أشبهها ويقال لهما ممتزجان على الحقيقة وأما في الأجسام الجامدة فكاختلاط دقيق الحنطة بدقيق الشعير واختلاط الأدوية بعضها ببعض إذا سحقت فممازجة الأشياء بعضها بعضا خلاف اجتماع بعضها مع بعض لأنه إذا أضيف إلى الشيء شيء مثله يقال لهما مجتمعان لا ممتزجان وإنما تكون الممازجة الحقيقية باجتماع الشيء مع خلافه وإفساد أحدهما طبيعة الآخر والكوكبان إذا اقترنا لا يكون حالهما كحال الأجسام الجامدة ولا يجتمعان حتى يصيرا شيئا واحدا كالماء مع الماء والنار مع النار والصبر مع الصبر ولا يقف بعضها فوق بعض كالدهن والماء ولا يتمازجان بذاتهما حتى يفسد أحدهما الآخر كالماء والخمر بل هما بذاتهما وطبيعتهما على حالهما وإنما يمازج أحدهما صاحبه بكيفيته التي هي خلاف كيفية الكوكب الآخر

Shafi 758