وقال المستر سنودجراس: «هل تأذن لي يا سيدي في مصارحتك أني أود أن أسمعها منك.»
وأجاب القس قائلا: «ولم لا؟ ... وإن كانت المسألة صغيرة جدا، والعذر الوحيد لي عن اقترافها هو أني كنت في تلك الأيام شابا، ومهما يكن من شيء، فإني مسمعك إياها إذا شئت.»
وكان الجواب بالطبع غمغمة فضول وتلهف، وأنشأ السيد الكبير ينشد، وامرأته تعاجله بالتلقين إذا نسي شيئا!
قال: لقد سميتها.
اللبلاب الأخضر
يا للبلاب الأخضر من نبات طيب رقيق، يتسلل إلى كل أثر قديم، وطلل عتيق، ويأبى إلا أن يتخير لطعامه، في محبسه المنفرد المقرور ومقامه، فلا يختار إلا الجدار المنقض، والحجر البالي، لإرضاء أنفته وأوهامه، وأفضل الغذاء لديه الطحلب الذي اصطنعته كرة السنين ودورة الأعوام الخوالي، وأنه ليتسلل إلى حيث لا يرى للحياة أثر، إنه لنبات قديم نادر ... ذلك هو اللبلاب الأخضر ... •••
إنه ليختلس الخطى سراعا، وإن لم يؤت جناحا ولا ذراعا، ولكن له قلبا مخلصا وفيا ... ألا تراه كيف يلتف حول صديقته السروة العظيمة التفافا قويا، ويتشبث بها تشبثا وفيا، ويجر على الأرض أذياله، ماكرا متلطفا، ويدع أوراقه تموج في رفق تموجا، وهو يحتضن فرحا ويزحف زحفا، حول الطحلب الوفر، على قبور الموتى الذاهبين، متسللا إلى حيث الموت الرهيب قد تسلل ... إنه لنبات قديم نادر ... ذلك هو اللبلاب الأخضر. •••
أجيال وقرون انقضت، وآثارها بليت وعفيت ... وأمم وشعوب تفرقت وانقرضت، ولكن اللبلاب القوي المعمر لن يذوي إلى الأبد، ولن ينقطع عبقه ولن يتبدد، ونضارته المنبعثة من قلبه وخضرته في تجدد ... وسيسمن هذا النبات الجريء القديم على الماضي، وينمو ويشتد، وكل ما يبني الإنسان من قصر منيف وبنيان باذخ ويشيد، سيصبح في النهاية للبلاب طعاما.
وإنه المتسلل على الزمان القائم المستمر ...
إنه نبات قديم نادر ... ذلك هو اللبلاب الأخضر ... •••
Shafi da ba'a sani ba