260

Mudhakkirat Pickwick

مذكرات بكوك

Nau'ikan

وقالت مسز بت في دهشة، وانحنت فالتقطت الصحيفة: «بشرفي يا سيدي، بشرفي يا سيدي!»

وهنا استخذى المستر بت، وتراجع أمام النظرة المحتقرة التي حدجته بها زوجته، وغالب مغالبة مستيئسة لجمع شتات شجاعته، ولكن تلك الشجاعة لم تلبث أن تناثرت بددا.

وليس في تلك العبارة القصيرة «بشرفي يا سيدي!» شيء مرهوب أو خطير مطلقا، وأنت اللحظة تقرأها، ولكن اللهجة التي قيلت بها، والنظرة التي صحبتها، كانتا تنطويان على تلميح إلى عقاب سيقع على رأس بت فيما بعد، فلم تلبثا أن أحدثتا أثرهما فيه، حتى لم يكن ليغيب عن أقل الناس فطنة، إذا هو نظر إلى وجهه المضطرب، أنه لم يكن ليتردد في خلع حذائه الولنجتون إلى أي امرئ قدير، يرضى أن ينتعله في تلك اللحظة بدلا منه.

وقرأت مسز بت تلك الأبيات، وأطلقت صرخة عالية، وألقت بنفسها على البساط، ومددت قدميها صارخة، وضربت بكعب حذائها، وركلت بقدميها في صورة لم تدع ذرة من الشك في صدق ما كانت تحس به إزاء هذا الموقف.

وقال بت، وقد وقف جامدا في مكانه: «لم أقل يا عزيزتي أنني صدقت ذلك.» ولكن صوت المسكين قد غرق في صرخات شريكته.

وقال المستر ونكل: «دعيني يا مسز بت، أتوسل إليك يا سيدتي العزيزة أن تهدئي من روعك.» ولكن صرخاتها ودقات كعبها فوق البساط غطت على صوته، وكانت أكثر من قبل تتابعا.

وراح المستر بت يقول: «إنني جد آسف يا عزيزتي! وإذا لم تكفي مراعاة لصحتك، فراعي مركزي أنا يا عزيزتي؛ حتى لا يتجمهر الناس حول البيت.»

ولكن صرخاتها زادت اشتدادا وتتابعا كلما زاد المستر بت توسلا.

وكانت في البيت - لحسن الحظ - وصيفة خاصة لمسز بت، وهي شابة كان عملها في الظاهر الإشراف على زينة السيدة، وإن أدت إليها في الواقع خدمات كثيرة منوعة، وأهمها ما يتعلق بمساعدة سيدتها في تحقيق كل رغبة تتعارض مع رغبات بت التعس، فلم تلبث تلك الصرخات أن بلغت سمع تلك الوصيفة الشابة؛ فجاءت إلى الحجرة مهرولة، تكاد من سرعتها تفسد إلى حد كبير نظام شعرها، وعقصة جدائلها، ووضع قبعتها.

وراحت تصيح وهي تجثو مروعة بجانب مسز بت المنبطحة على البساط: «رباه! ... يا سيدتي العزيزة، ما الذي جرى يا سيدتي العزيزة؟»

Shafi da ba'a sani ba