وصاح الكونت قائلا وهو يخرج الألواح مرة أخرى: «قفي، في باب «الشعر» أصدقاؤنا الأدباء، الاسم «سنوجرادس»، حسن جدا، وقدمنا إلى «سنودجراس» الشاعر الكبير، وصديق «بيك ويكس»، وكانت التي قدمتنا إليه هي مسز هنت، التي نظمت قصيدة أخرى بديعة، ما هو ذلك الاسم؟ الضفدعة ... الضفدعة المحتضرة؟! حسن جدا، حسن جدا في الحقيقة.»
وأعاد الكونت الألواح إلى مكانها، وانحنى عدة انحناءات مختلفة، وانصرف وهو مرتاح كل الارتياح؛ لأنه استطاع أن يضيف أهم وأثمن الإضافات إلى خزانة معلوماته.
وقالت مسز ليو هنتر عقب انصرافه: «الكونت سمورلتورك رجل مدهش!»
وقال المستر بت: «فيلسوف سديد الرأي.»
وأضاف المستر سنودجراس: «صافي القريحة، قوي الذهن.»
وتناول جمع من الذين كانوا وقوفا على مقربة الثناء على الكونت سمورلتورك، فقالوا وهم يهزون الرءوس هزة الحكماء: «جدا.» بإجماع الأصوات.
وكان من الجائز وقد سرت الحماسة في مديح الكونت، وتعالت بالثناء عليه، أن يتغنى القوم بها إلى نهاية الحفل، لولا أن بادر الأربعة المغنون «المساكين»، فاصطفوا أمام شجرة تفاح صغيرة؛ ليتراءوا في منظر جميل، وشرعوا يغنون أغانيهم الوطنية، وتبين أن التغني بها لم يكن شاقا في شيء؛ لأن السر في غنائها هو أن ثلاثة منهم كان عليهم أن يقبعوا كالخنازير، وليس على الرابع إلا أن يعوي أو يزمجر، ولم يكد هذا الدور الغنائي ينتهي وسط التصفيق الشديد، والهتاف المدوي، من حناجر المدعوين، حتى انبرى غلام فبدأ يشتبك في إسلاك مقعد، ثم يقفز فوقه، ويزحف تحته، ويقع معه، ثم يلفهما حول عنقه، وأخيرا، بمثل السهولة التي يتيسر بها للمخلوق البشري أن يبدو للأنظار كأنه ضفدعة برية، وكانت كل هذه الحركات والألعاب تثير السرور والضحك والابتهاج في نفوس النظارة الحاشدين.
وعقب ذلك سمع صوت مسز بت وهي ترسل شدوا مخافتا، أو شيئا تدعوه المجاملة «غناء»، وكان كله «قديما» أو مناسبا للمقام؛ لأن «أبوللو» نفسه كان واضع «ألحان»، وقلما يغني واضعو الألحان ألحانهم، أو ألحان سواهم.
وتلا ذلك قراءات من الشعر، فقرأت مسز ليو هنتر على المدعوين مرثيتها الشعرية «للضفدعة المحتضرة»، وكان المدعوون يصفقون لها ويستعيدونها، وكادوا يكررون الهتاف باستعادتها، لولا أن فريقا أكبر منهم رأوا أنه قد حان أن يجدوا شيئا يأكلونه، وذهبوا يقولون إنه من المحبب للغاية استغلال طيبة مسز هنتر وطبيعتها الكريمة، إلى حد مطالبتها بإعادة الأبيات، وكانت مسز ليو هنتر قد أبدت ارتياحها التام لتلاوة القصيدة من جديد، ولكن أصدقاءها الكرام المشفقين عليها أبوا أن يسمعوها مهما يكن الأمر، وكانت قاعة الطعام قد فتحت أبوابها، فاندفع إليها كل الذين كانوا من قبل فيها، وتزاحموا عليها سراعا متدافعين، وكان برنامج مسز ليو هنتر يقضي بتوزيع مائة بطاقة، وإعداد الطعام لخمسين، أو بعبارة أخرى لا تطعم غير «الآساد» الكبار من المدعوين، وتدع الحيوانات الصغار تتلمس طعامها جاهدة.
وصاحت مسز ليو هنتر، وقد جعلت «الآساد» يحيطون بها: «أين المستر بت؟»
Shafi da ba'a sani ba