فأحييناه ) أي ضالا فهديناه ، فان الموت والاحياء معناهما المجازيان متقابلان ، كتقابل معنييهما الحقيقيين.
وقول امير المؤمنين عليه السلام : «فالبصير منها شاخص ، والاعمى اليها شاخص ، والبصير منها متزود ، والاعمى لها متزود» فإن المراد بالاعمى الجاهل ، وبالبصير العارف العاقل ، وتقابل معنييهما المجازيين كالحقيقيين واضح.
ومثاله من النظم قول التهامي :
لقد أحيى المكارم بعد موت
وشاد بناءها بعد انهدام
فإن الاحياء والموت ، والشيد والانهدام ، متقابلة معانيها الحقيقية والمجازية ، إذ المراد انه اعطى بعد ان منع الناس كلهم.
الثالث : الطباق المعنوي ، وهو مقابلة الشيء بضده في المعنى لا في اللفظ كقوله تعالى : ( إن أنتم إلا تكذبون قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ). معناه ربنا يعلم إنا لصادقون.
وقوله تعالى ايضا : ( جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء )
قال ابو على الفارسى : لما كان البناء رفعا للمبني ، قوبل بالفراش الذي هو خلاف البناء ، ونظير قول أمير المؤمنين عليه السلام : «من سقف فوقهم مرفوع ، ومهاد تحتهم موضوع» فإن المهاد لما كان عبارة عما يتهيأ للصبي أعني المهد ، ولا يكون الا تحته ، حسن مقابلة السقف به الذي لا يكون الا في الفوق.
نعم ، ان فسر المهاد بالفراش كما هو احد معانيه لغة فهو من الطباق اللفظي.
Shafi 66