389

الألفاظ ، وقيل لك ما تقول في هذه اللفظة؟ احسنة هي ، ام قبيحة؟

فاني لا اراك عند ذلك الا تفتي : بحسنها ، او قبحها ، على الفور.

ولو كنت لا نفتي بذلك ، حتى تقول للسائل : اصبر الى ان اعتبر مخارج حروفها ، ثم افتيك بعد ذلك : بما فيها من حسن ، او قبح : لصح لابن سنان ما ذهب اليه : من جعل مخارج الحروف المتباعدة ، شرطا في اختيار الألفاظ ، وانما شذ عنه الأصل في ذلك ، وهو : ان الحسن من الألفاظ ، يكون متباعد المخارج.

فحسن الألفاظ اذن : ليس معلوما من تباعد المخرج ، وانما علم قبل العلم بتباعدها ، وكل هذا راجع الى حاسة السمع.

فاذا استحسنت لفظا ، او استقبحته ، وجدت ما تستحسنه متباعد المخارج وما تستقبحه متقارب المخارج ، واستحسانها واستقباحها : انما هو قبل اعتبار المخارج ، لا بعده.

على ان هذه : قاعدة ، قد شذ عنها شواذ كثيرة ، لأنه قد يحيء في المتقارب المخارج ، ما هو حسن رائق.

الا ترى : ان للجيم ، والشين والياء مخارج متقاربة وهي من وسط اللسان ، بينه وبين الحنك ، وتسمى ثلاثتها : «الشجرة» واذا تركب منها شيء من الألفاظ ، جاء حسنا رائقا.

فان قيل : «جيش» كانت لفظة محمودة ، او قدمت الشين على الجيم فقيل : «شجى» كانت ايضا لفظة محمودة.

ومما هو اقرب مخرجا من ذلك : الباء ، والميم ، والفاء وثلاثتها من الشفة ، وتسمى : «شفهية» فاذا نظم منها شيء من الألفاظ ، كان جميلا حسنا.

Shafi 391