349

وانما نقلنا كلام المتوهم ، حتى تعرف : ان في بيان وجهة نظره مواقع للنظر.

اما اولا : فان نسبة توصيف المعنى بالبلاغة الى الادباء لا واقع له ، والشاهد على ذلك : ما يأتى من قول الشيخ عند قول المصنف : «وكثيرا ما يسمى فصاحة ايضا كما يسمى بلاغة» اعني من قول الشيخ في آخر هذا الموضع : «ومما اوقعهم في الشبهة : انه لم يسمع عاقل يقول : معنى فصيح» فتأمل جيدا.

وثانيا : ان قول المتوهم : «البلاغة اصابة المعاني الشريفة ، وافهامها بوضوح» اقرار واعتراف ، بأن البلاغة من صفات المتكلم حقيقة.

لأن الاصابة ، فعل المتكلم ، وقد قلنا آنفا : ان من قام به المبدأ ، هو الموضوف حقيقة ، وهذا واضح لا مرية فيه.

وهكذا قوله : «فكم رأينا» الى آخره.

وثالثا : ان قوله : «وكثير من الناس ، يعتبر الفصاحة والبلاغة في قعقعة الألفاظ» الى آخره.

ان كان المراد بالناس : الهمج الرعاع ، فهو حق ، لكن ليس الكلام في البلاغة عندهم.

وان كان المراد : أهل الاصطلاح ، الذين كلامنا في البلاغة عندهم ، فكلام المتوهم نفسه : قعقعة ، لا واقع له ، عند من هو عارف ومطلع على البلاغة عند أهل الاصطلاح ، والعرب العرباء.

(و) انما قال : دون المفرد ، لأنه (لم يسمع : كلمة بليغة) ولو كان مركبا تقييديا ، اذ المراد بالكلمة هاهنا : المفرد المقابل للكلام ، بقرينة المقابلة ، كما نبهناك آنفا.

Shafi 351