213

ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم ».

وليعلم : انه لا يمتنع في امثال هذه المواضع ، ان يوجه الخروج عن الاصل زائدا على مراعاة المناسبة بامور اخرى ، كما يأتي في بعضها ما اريد فيه من النكتة ، فان القرآن لا تنقضي عجائبه

لا يقال : اذا كان مراعاة المناسبة حسنة محمودة ، فلم لم تراع في الآيات كلها؟

وما الوجه في ورودها في بعضها ، وعدم ورودها في بعضها الآخر؟.

لأنا نقول : كما اشرنا اليه سابقا ، ان القرآن نزل بلغة العرب ، وعلى عرفهم وعاداتهم ، وكان الفصيح منهم ، لا يراعي في جميع فواصل كلامه (المناسبة) لما فيه من امارات التكلف.

بل يكون ذلك مستكرها عند الاذهان المستقيمة ، والافكار القويمة والاذواق السليمة ، لاسيما مع طول الكلام.

فلذا : قال بعض اهل الذوق : وانما لم يج القرآن على اسلوب واحد : لأنه لا يحسن في الكلام جميعا ان يكون مستمرا على نمط واحد ، لما فيه من التكلف ، ولما في الطبع منه ملل.

وان الافتنان في ضروب الكلام : احسن من الاستمرار على ضرب وسيأتي لهذا زيادة بيان ، في بحث الالتفات انشاء الله تعالى .

ومن المحسنات التي روعيت في القرآن كثيرا : الاقتدار ، وهو : ان يبرز المتكلم المعنى الواحد في صور كثيرة ، اظهارا لقدرته على نظم الكلام ، وتركيبه على صياغة قوالب المعاني والاغراض.

فلذلك جاء جميع قصص القرآن بصور مختلفة ، فانك ترى القصة الواحدة التي لا تختلف معانيها ، في صور مختلفة ، وقوالب من الالفاظ

Shafi 215