Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Nau'ikan
Maganar Baka
يقول: لا ينبغي أن يفتخر إلا من لم يلحقه ضيم وذل من قبل أحد، ولن يكون أحد بهذه الصفة إلا أنت، ومن يكون مدركًا لما رامه، لا ينام عن أعدائه ومحاربتهم.
ليس عزمًا ما مرض المرء فيه ... ليس همًا ما عاق عنه الظلام
نصب عزمًا وهمًا، لأنهما خبرا ليس، واسمه ما وصلته مرض: أي فرط. والهم: الهمة ها هنا.
يقول: كل عزم يمرض فيه المرء ويفتر دون إمضائه، فليس بعزم على الحقيقة، وكل هم يمنع دون إمضائه ظلام الليل، فليس ذلك بهم على الحقيقة.
واحتمال الأذى ورؤية جاني ... هـ غذاءٌ تضوي به الأجسام
وروى: تتوي به الأجسام. أي تهلك. وتضوي: أي تهزل.
يقول: إن تحمل الأذى ورؤية من يؤذيك ويجني عليك غذاء تبلى به الأجسام وتهزل.
ذل من يغبط الذليل بعيش ... رب عيش أخف منه الحمام
وروى: ألذ منه الحمام.
يقول: من يغبط الذليل على عيشه فهو ذليل: ورب عيش يكون الموت خيرًا منه، إذا لم تنل المنية، ومثله قول بشار بن برد:
وللموت خيرٌ من حياة على أذى ... يضيمك فيها صاحبٌ وتراقبه
كل حلمٍ أتى بغير اقتدار ... حجةٌ لاجىءٌ إليها اللئام
يقول: إنما يحسن الحلم مع القدرة. فمن لا يقدر على الانتصار إذا اعتصم بالحلم، فهو حجة يلتجىء إليها اللئام. ومثله قول الآخر:
إن من الحلم ذلًا أنت عارفه ... والحلم عن قدرةٍ فضلٌ من الكرم
من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميتٍ إيلام
يقول: من كان مهينًا في نفسه سهل عليه إهانة غيره ولا يؤلمه ما يطوى عليه من الذل، فهو كالميت الذي لا يتألم من الجراحة وغيرها.
ضاق ذرعًا بأن أضيق به ذر ... عًا زماني واستكرمتني الكرام
الذرع: القلب، وأصله من الذراع، وكان الفصيل إذا مشى مع الإبل وكل عن سيرها، قالوا: ضاق ذرعه أي قصر خطوه، ثم قيل لكل من عجز عن شيء: ضاق قلبه به ذرعًا، وهو نصب على التمييز. وضاق: فاعله زماني. واستكرمتني: أي وجدتني كريمًا.
يقول: إن الزمان ضاق قلبه بسبب ضيق قلبي، وذلك إشارة إلى عظم حال نفسه. وقيل: أراد أن الزمان قصدني بأحداثه، فلما لم يمكنه أن يؤثر في، وأن يضيق قلبي بسبه، ضاق قلبه عند ذلك؛ لعجزه عن التأثير في، ووجدني الكرام كريمًا في جميع أحوالي.
واقفًا تحت أخمصي قدر نفسي ... واقفًا تحت أخمصي الأنام
الأخمص: تحت باطن القدم. ويجوز في واقف الأول: الرفع على إضمار المبتدأ أي أنا واقف والنصب على الحال من الضمير في استكرمتني: أي وجدتني الكرام كريمًا في تلك الحال. وأما الثاني: فبالنصب على الحال لا غير. أي أنا دون قدري في حال علوي عن الخلق.
يقول: أنا واقف دون قدر نفسي وما بلغت المنزلة التي أستحقها بفضلي، وإن كان الخلق كلهم تحت قدمي. وهذا مثل.
أقرارًا ألذ فوق شرارٍ! ... ومرامًا أبغى وظلمي يرام!
يقال: لذ الطعام يلذه. إذا استلذه. والشرار: جمع شرارة.
يقول: كيف أستلذ القرار في موضع أكون فيه معذبًا؟! كالواقف فوق شرار النار! وكيف أطلب حاجة أصل إليها! مع أن الأعداء يرومون ظلمي، فلا أستقر حتى أدفع هذا الظلم عني بحبس ضيقته.
دون أن يشرق الحجاز ونجدٌ ... والعراقان بالقنا والشام
دون قيل إنها بمعنى: قبل، وقيل بمعنى: سوى. وتشرق: أي تغص وتمتلىء.
يقول: لا أستقر دون أن تمتلىء هذه النوحي بالرماح فأنتصف منهم.
شرق الجو بالغبار إذا سا ... ر علي بن أحمد القمقام
روى: شرق الجو وهو فعل ماض. ومشرق الجو وهو اسم الفاعل. وشرق الجو وهو مصدر. فيكون تقديره دون أن يشرق العراقان شرقًا مثل شرق الجو بالغبار؛ إذا سار الممدوح لمحاربة أعدائه. والقمقام: السيد. شبه امتلاء المواضع المذكورة بالجيش، بامتلاء الجو بالغبار، عند مسير هذا الممدوح.
الأديب المهذب الأصيد الضر ... ب الذكي الجعد السري الهمام
الأصيد: قيل هو المتكبر، وهو من صفة الملوك. والضرب: الخفيف الجسم. والعرب تتمدح به. والجعد مطلقًا: السخي. وقيل: هو الذي لا يضام لعزه. والذكي: التام العقل. والمهذب: المصفى من العيوب. والسري: الرفيع القدرز والهمام: العظيم الهمة.
والذي ريب دهره من أسارا ... هـ ومن حاسدي يديه الغمام
ريب الدهر: صروفه، وحوادثه.
1 / 140