Mucawiya Ibn Abi Sufyan
معاوية بن أبي سفيان
Nau'ikan
فليس من الحلم أن يضرب الضعيف، فلا يرد الضربة بمثلها؛ لأنه يعلم أنه سيتلقى أضعافها ممن هو أقدر منه وأقوى على إيذائه، وإنما يقال عن هذا: إنه جبن أو رضا من المعتدى عليه بأهون الشرين.
ولا يكون الحلم أبدا عجزا عن مجاراة الغضب أو امتناعا للشعور به؛ لأن الفضيلة لا تقوم على عجز أو امتناع، ولكنها تقوم على إرادة تملك الاختيار بين الخطتين ... •••
وجملة القول في هذه الصفة أن الحليم هو الذي يملك الغضب ولا يملكه الغضب، وكلما اشتد الغضب واشتدت القدرة عليه؛ كان ذلك أبين عن الحلم وأدل عليه، وكلما ارتفع السبب الذي من أجله يتغلب الحليم على غضبه كان ذلك أرفع لقدره، وأرجح لوزنه في ميزان الفضيلة، فمن يحسم الغضب حرصا على منافع الناس أحلم وأكرم ممن يحسم الغضب حرصا على منافعه العاجلة أو الآجلة؛ ومن يحسم الغضب لأنه يشمل الناس بحبه وعطفه أحلم وأكرم ممن يحسم الغضب؛ لأنه يحب نفسه ويقدم حبها على كل حب لغيره.
ومن كلام حكماء العرب وبلغائهم نستشف
28
فطنتهم لحقيقة هذه الفضيلة، فهي فضيلة المريد المختار المالك لزمام الأمرين، كما قال ابن خليفة مولى قيس بن ثعلبة يمدح قوما من آل شيبان:
عليهم وقار الحلم حتى كأنما
وليدهم من أجل هيبته كهل
إن استجهلوا لم يعزب
29
Shafi da ba'a sani ba