Mucawiya Ibn Abi Sufyan
معاوية بن أبي سفيان
Nau'ikan
16
المال والولاية ... فامتنع عليه عبد الله بن عمر؛ لأنه لم ينخدع بالدرهم والدينار «وإنما ينخدع الرجال بهما» كما قال، وامتنع عليه قيس بن سعد ذلك البطل القوي الأمين الذي حفظ عهده لعلي بن أبي طالب قبل عزله إياه وبعد عزله، وظل حافظا لهذا العهد بعد مقتله رضوان الله عليه، ومصالحة الحسن لمعاوية، وانقضاض الولايات واحدة بعد أخرى عن أعوان بني هاشم، وقد دانت الدنيا للخليفة الجديد فأرسل إلى قيس صحيفة بيضاء موقعة بتوقيعه مختومة بخاتم الخليفة يكتب فيها ما يشاء، فلم يكتب فيها إلا عهدا بالأمان لأصحابه الذين نصروا عليا والحسن بقيادته، وجلس الخليفة بالكوفة يتلقى البيعة من مخالفيه القدماء، فقال قيس: إن كنت لأكره مثل هذا اليوم يا معاوية! فقال له: مه
17
رحمك الله، عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، قال قيس: لقد حرصت أن أفرق بين روحك وجسدك قبل ذلك، فأبى الله يا بن أبي سفيان إلا ما أحب، قال معاوية: فلا يرد أمر الله! فأقبل قيس على الناس بوجهه، فقال: معشر الناس! لقد اعتضتم الشر من الخير، واستبدلتم الذل من العز، والكفر من الإيمان، فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين وسيد المسلمين، وابن عم رسول رب العالمين، وقد وليكم الطليق بن الطليق، يسومكم
18
الخسف ويسير فيكم بالعسف،
19
فكيف تجهل ذلك أنفسكم، أم طبع الله على قلوبكم وأنتم لا تعقلون؟! ... فجثا معاوية على ركبتيه ثم أخذ بيده، وقال: أقسمت عليك ... ثم صفق على يده ونادى الناس: بايع قيس! فقال: كذبتم والله ما بايعت ... وضاع صوته بين الصياح والضجيج.
ولم يزل أمثال عبد الله بن عمر وقيس بن سعد بمعزل عن حزب الدولة الجديدة، إلا من آثر الجهاد في غزو الأعداء ولم يجد علما للجهاد غير علم الخليفة القائم بتجنيد الجند، وتجريد السرايا على أطراف الدولة من بلاد القياصرة والأكاسرة، وبطلت كل حيلة من حيل «الثواب» بالمال والولاية مع أمثال هؤلاء القوم الذين كانوا بحق عند المسلمين «بقية الناس».
إلا أن معاوية كان يصطنع الحيلة التي تجديه في كفاح خصومه، وإن لم تكن من قبيل الغلبة بقوة العقل وصولة «الشخصية» الطاغية على من دونها في البأس والمضاء ...
Shafi da ba'a sani ba