Mucawiya Ibn Abi Sufyan
معاوية بن أبي سفيان
Nau'ikan
والمشهور في رواية صاحب الإمامة والسياسة ابن قتيبة أن معاوية كان غافلا عن شأن عمرو وعن خطره في معونة أي الفريقين فأعرض عنه، حتى نبهه عتبة بن أبي سفيان إلى شأنه وخطره، فكتب إليه يقول: «أما بعد، فقد كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك، وقد سقط علينا مروان بن الحكم في رافضة من أهل البصرة، وقدم علي جرير بن عبد الله في بيعة علي، وقد حبست نفسي عليك فأقدم على بركة الله.»
وتردد عمرو قليلا بين شد الرحال وحط الرحال، فقال له غلامه وردان، وهو من الموصوفين معه بالدهاء: أما إنك إن شئت بدأتك في نفسك: اعترضت الدنيا والآخرة على قلبك، فقلت: مع علي الآخرة بلا دنيا، ومع معاوية الدنيا بلا آخرة، فأنت واقف بينهما، فقال عمرو: ما أخطأت ما في نفسي. فما ترى يا وردان؟ فقال: أرى أن تقيم في منزلك فإن ظهر أهل الدين عشت في دينهم، وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك، فقال عمرو: الآن حين شهرتني العرب بمسيري إلى معاوية؟
وقدم عمرو على معاوية فساومه على رضاه، فلم يقنع بما دون ولاية مصر مدى الحياة، وهذه صفقة كأنها صفقة المنتصر الذي يملي شروطه في حومة الحرب؛ لأن ابن العاص كان واليا على مصر فعزله عثمان، ولم يزل واجدا على عثمان لذلك، حتى قيل: إنه كان يحرض عليه ويخاذل بين أنصاره، فإذا جاء الرجل قوما يطلبون دم عثمان، فأخذ منهم ما أباه عثمان عليه، فإنما هو الرغم ولا مبالاة بما يقولون وبما يقال!
وشق على معاوية أنه يجيبه إلى هذا المطلب الضخم «فتلكأ معاوية - كما جاء في الإمامة والسياسة - وقال: ألم تعلم أن مصر كالشام؟ قال: بلى، ولكنها إنما تكون لي إذا كانت لك، وإنما تكون لك إذا طلبت عليا على العراق ... فدخل عتبة بن أبي سفيان على معاوية، فقال: أما ترضى أن تشتري عمرا بمصر؟ إن هي صفت لك ليتك لا تغلب على الشام، فلما سمع معاوية قول عتبة بعث إلى عمرو فأعطاه مصر، وكتب في أسفل الكتاب: ولا ينقض شرط طاعة، فكتب عمرو: ولا تنقض طاعة شرطا.»
وعلى هذا خرج عمرو من الصفقة غالبا غير مغلوب، وفهم ما يبتغيه فقصد إليه، ولم يكن معاوية يفهم ما يبتغيه إلا بعد ممانعة واستعصاء ... وقد عقد معاوية لعمرو بعد ذلك أربعة ألوية: لواء له، ولواء لكل من ولديه، ولواء لغلامه وردان.
يقال في مصطلحات عصرنا عن الحيلة التي لا تخفى ولا حاجة بها إلى إخفاء: إنها «لعب على المكشوف» ... كأنها هي لعبة تلعب نفسها بنفسها، ولا محل فيها لتدبير اللاعبين لظهوره، واتباعه في اللعب منهجا لا محيد عنه، وهكذا كانت الحيلة بين عمرو ومعاوية.
قال عمرو لمعاوية: «أترى أننا خالفنا عليا لفضل منا عليه؟ ... لا والله إن هي إلا الدنيا نتكالب عليها، وايم الله لتقطعن لي قطعة من دنياك وإلا نابذتك.»
2
وعلى هذه الخطة «المكشوفة» بدأت المعاملة بين الرجلين، وكان حظ عمرو فيها أكبر من حظ معاوية، بالقياس إلى ما بذل فيه. •••
أما المغيرة بن شعبة فقد كان يبيع سمكا في البحر، ويشتري به سمكا مطبوخا شهيا على المائدة.
Shafi da ba'a sani ba