202

Miraƙan Maƙullin

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

Inda aka buga

بيروت - لبنان

١٢٦ - وَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: («إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ لِمُحَمَّدٍ ﷺ: فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ») . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
ــ
١٢٦ - (وَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ الْعَبْدَ): الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ (إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ): شَرْطٌ وَ" أَتَاهُ " جَوَابُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ (وَتَوَلَّى): أَيْ: أَدْبَرَ وَأَعْرَضَ (عَنْهُ أَصْحَابُهُ): أَيْ: عَنْ قَبْرِهِ، وَالْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ أَوْ عَنْ وَضْعِهِ، وَالْمَعْنَى دَفَنُوا وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمْ بِالْأَصْحَابِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَظْهَرُ لِقَوْلِهِ: يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ (إِنَّهُ): بِالْكَسْرِ وَهُوَ إِمَّا حَالٌ بِحَذْفِ الْوَاوِ كَمَا فِي أَحَدِ وَجْهَيْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ [الزمر: ٦٠] أَيْ: وَوُجُوهُهُمْ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ بِمَعْنَى الْإِبْصَارِ وَهُوَ عَلَى حَدِّ كَلِمَتِهِ: فُوهُ إِلَى فِي، أَوْ يَكُونُ أَنَّهُ جَوَابُ الشَّرْطِ عَلَى حَذْفِ الْفَاءِ فَيَكُونُ " أَتَاهُ " حَالًا مِنْ فَاعِلِ يَسْمَعُ وَقَدْ مَقَدَّرَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِذَا ظَرْفًا مَحْضًا، وَقَوْلُهُ: إِنَّهُ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ: إِنَّ الْعَبْدَ (لَيَسْمَعُ): بِفَتْحِ اللَّامِ لِلتَّأْكِيدِ (قَرْعَ نِعَالِهِمْ): بِكَسْرِ النُّونِ جَمْعُ نَعْلٍ، قِيلَ أَيْ: يَسْمَعُ صَوْتَهَا لَوْ كَانَ حَيًّا فَإِنَّ جَسَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَلَكُ فَيُقْعِدَهُ مَيِّتٌ لَا يُحِسُّ بِشَيْءٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، إِذْ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ أَنَّ الْمَيِّتَ يَعْلَمُ مَنْ يُكَفِّنُهُ وَمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَمَنْ يَحْمِلُهُ وَمَنْ يَدْفِنُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ صَوْتَ دَقِّهَا، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى حَيَاةِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ لِأَنَّ الْإِحْسَاسَ بِدُونِ الْحَيَاةِ مُمْتَنِعٌ عَادَةً، وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ بِإِعَادَةِ الرُّوحِ، وَتَوَقَّفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ اهـ. وَلَعَلَّ تَوَقُّفَ الْإِمَامِ فِي أَنَّ الْإِعَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِجُزْءِ الْبَدَنِ أَوْ كُلِّهِ. قَالَ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ": يَجُوزُ الْمَشْيُ بِالنَّعْلِ فِي الْقُبُورِ (أَتَاهُ مَلَكَانِ): أَيْ: قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ زَمَانٌ طَوِيلٌ (فَيُقْعِدَانِهِ): مِنَ الْإِقْعَادِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: فَيُجْلِسَانِهِ مِنَ الْإِجْلَاسِ، وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْقُعُودَ عِنْدَ الْفُصَحَاءِ فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَامِ، وَالْجُلُوسَ فِي مُقَابَلَةِ الِاضْطِجَاعِ وَالِاسْتِلْقَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا حُكِيَ أَنَّ النَّضْرَ بْنَ شُمَيْلٍ مَثَلَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَأْمُونِ فَقَالَ: اجْلِسْ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! لَسْتُ مُضْطَجِعًا فَأَجْلِسَ، قَالَ: كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: قُلِ اقْعُدْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْإِقْعَادِ الْإِيقَاظُ وَالتَّنْبِيهُ، وَإِنَّمَا يُسْأَلَانِ عَنْهُ بِإِعَادَةِ الرُّوحِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ مِنَ الْفَزَعِ وَالْخَوْفِ وَالْهَيْبَةِ وَالدَّهْشَةِ وَالْحَيْرَةِ فَيُقْعِدَانِهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَعَلَّ مَنْ رَوَى فَيُقْعِدَانِهِ ظَنَّ أَنَّ اللَّفْظَيْنِ يُنَزَّلَانِ فِي الْمَعْنَى مَنْزِلَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ فَاتَهُ دِقَّةُ الْمَعْنَى، وَلِهَذَا نَهَى كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ عَنْ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْقُعُودُ وَالْجُلُوسُ مُتَرَادِفَانِ، وَاسْتِعْمَالُ الْقُعُودِ مَعَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ مَعَ الِاضْطِجَاعِ مُنَاسَبَةٌ لَفْظِيَّةٌ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجَبِهِ إِذَا كَانَا مَذْكُورَيْنِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يُذْكَرْ إِلَّا أَحَدُهُمَا فَلَمْ نَقُلْ أَنَّهُ كَذَلِكَ، أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ جِبْرِيلَ ﵇ (حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ) أَقُولُ: صُرِّحَ فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهُمَا لُغَتَانِ حَيْثُ قَالَ: الْقُعُودُ الْجُلُوسُ أَوْ هُوَ مِنَ الْقِيَامِ، وَالْجُلُوسُ مِنَ الضَّجْعَةِ، وَمِنَ السُّجُودِ اهـ. وَيُؤَيِّدُ اللُّغَةَ الثَّانِيَةَ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ الْقَعْدَةَ الْأُولَى وَالْقَعْدَةَ الْأُخْرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، (فَيَقُولَانِ): أَيْ لَهُ (مَا كُنْتَ تَقُولُ): أَيْ: أَيَّ شَيْءٍ كُنْتَ تَقُولُهُ، أَيْ: تَعْتَقِدُ فِي هَذَا الرَّجُلِ)، أَيْ: فِي شَأْنِهِ، وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، وَفِي الْإِشَارَةِ إِيمَاءٌ إِلَى تَنْزِيلِ الْحَاضِرِ الْمَعْنَوِيِّ مَنْزِلَةَ الصُّورِيِّ مُبَالَغَةً (لِمُحَمَّدٍ): بَيَانٌ مِنَ الرَّاوِي لِلرَّجُلِ، أَيْ: لِأَجْلِ مُحَمَّدٍ ﷺ: كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَشُرَّاحُ الْمَصَابِيحِ، وَقَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: لِمُحَمَّدٍ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِ الرَّسُولِ، وَالتَّعْبِيرُ بِمُحَمَّدٍ دُونَ النَّبِيِّ وَالرَّسُولِ يُؤْذِنُ بِذَلِكَ اهـ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَدُعَاؤُهُ بِالرَّجُلِ مِنْ كَلَامِ الْمَلَكِ، فَعَبَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَعْظِيمٌ امْتِحَانًا لِلْمَسْئُولِ لِئَلَّا يَتَلَقَّنَ تَعْظِيمَهُ عَنْ عِبَارَةِ الْقَائِلِ: ثُمَّ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ: «مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ»، فَيَقُولُ إِلَخْ.

1 / 204