Miraƙan Maƙullin
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Mai Buga Littafi
دار الفكر
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
Inda aka buga
بيروت - لبنان
وَالْمُؤَنَّثَ أَوْ حُكْمُهَا يُعْرَفُ بِالتَّبَعِيَّةِ (إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ): التَّخْصِيصُ لِلْعَادَةِ أَوْ كُلُّ مَوْضِعٍ فِيهِ مَقَرُّهُ فَهُوَ قَبْرُهُ، وَالْمَسْئُولُ عَنْهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: سُئِلَ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيِّهِ لِمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ " يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ "، أَيْ: يُجِيبُ بِأَنْ لَا رَبَّ إِلَّا اللَّهُ وَلَا إِلَهَ سِوَاهُ، وَبِأَنَّ نَبِيَّهُ مُحَمَّدٌ ﵊، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ دِينَهُ الْإِسْلَامُ (فَذَلِكَ: أَيْ: فَمِصْدَاقُ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: إِشَارَةٌ إِلَى سُرْعَةِ الْجَوَابِ الَّتِي يُعْطِيهَا جَعَلَ إِذَا ظَرْفًا لِيَشْهَدَ وَالْفَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ اهـ. وَفِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْآيَةَ سَبَبٌ لِمَا فِي الْحَدِيثِ دُونَ الْعَكْسِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْفَاءَ تَفْرِيعِيَّةٌ أَوْ تَفْصِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ): أَيْ: تَعَالَى كَمَا فِي نُسْخَةٍ ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [إبراهيم: ٢٧]: أَيْ يُجْرِي لِسَانَهُمْ ﴿بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ [إبراهيم: ٢٧]: وَهُوَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ الْمُتَمَكِّنَةُ فِي الْقَلْبِ بِتَوْفِيقِ الرَّبِّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَاللَّامُ إِشَارَةٌ إِلَى كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ اهـ. وَهَذَا مُقْتَبَسٌ مِنْ:
قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَثَلًا كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ [إبراهيم: ٢٤] وَهِيَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَمَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ [إبراهيم: ٢٤] وَهِيَ النَّخْلَةُ عَلَى مَا فِي الصَّحِيحِ، قِيلَ: الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِيُثَبِّتُ وَكَذَا ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [إبراهيم: ٢٧]: بِأَنْ لَا يَزَالُوا عَنْهُ إِذَا فُتِنُوا وَلَمْ يَرْتَابُوا بِالشُّبُهَاتِ وَإِنْ أُلْقُوا فِي النَّارِ ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: ٢٧] أَيِ: الْبَرْزَخِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: فِي الْقَبْرِ عِنْدَ السُّؤَالِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا وَقَعَ بِهِ التَّصْرِيحُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَأَعَادَ الْجَارَّ لِيَدُلَّ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ فِي التَّثْبِيتِ.
(وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ﴾ [إبراهيم: ٢٧] مُبْتَدَأٌ، أَيْ: آيَةُ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ [إبراهيم: ٢٧]: أَيْ إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾ [إبراهيم: ٢٧] أَيِ الْكَافِرِينَ ﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إبراهيم: ٢٧] (نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ): أَيْ: فِي إِثْبَاتِهِ، قَالَ فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى عَذَابِ الْمُؤْمِنَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ؟ قُلْتُ: لَعَلَّهُ سَمَّى أَحْوَالَ الْعَبْدِ فِي الْقَبْرِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ عَلَى تَغْلِيبِ فِتْنَةِ الْكَافِرِ عَلَى فِتْنَةِ الْمُؤْمِنِ تَرْهِيبًا؛ وَلِأَنَّ الْقَبْرَ مَقَامُ الْهَوْلِ وَالْوَحْشَةِ، وَلِأَنَّ مُلَاقَاةَ الْمَلَكَيْنِ مِمَّا يَهِيبُ الْمُؤْمِنَ أَيْضًا اهـ.
وَفِيهِ: أَنَّ الْمُرَادَ إِثْبَاتُ عَذَابِ الْقَبْرِ مُجْمَلًا غَايَتُهُ أَنَّ عَذَابَ الْمُؤْمِنِ الْفَاسِقِ مَسْكُوتٌ عَنْهُ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْقُرْآنِ فِي اقْتِصَارٍ عَلَى حُكْمِ الْفَرِيقَيْنِ، كَمَا وَرَدَ فِي إِعْطَاءِ الْكِتَابِ بِالْيَمِينِ وَالشِّمَالِ وَخِفَّةِ الْمِيزَانِ وَثِقَلِهِ وَأَمْثَالِهَا، وَهَذَا الْمِقْدَارُ مِنَ الدَّلِيلِ حُجَّةٌ عَلَى الْمُخَالِفِ إِذْ لَا قَائِلَ بِالْفَصْلِ. (يُقَالُ لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ الْقَبْرِ (مَنْ رَبُّكَ)، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَزَالَ اللَّهُ الْخَوْفَ عَنْهُ وَثَبَّتَ لِسَانَهُ فِي جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ (فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ): زَادَ فِي الْجَوَابِ تَبَجُّحًا: أَوْ مَنْ نَبِيُّكَ مُقَدَّرٌ فِي السُّؤَالِ، أَوْ لِأَنَّ السُّؤَالَ عَنِ التَّوْحِيدِ يَسْتَلْزِمُهُ إِذْ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ دُونَهُ، وَزَادَ فِي " الْمَصَابِيحِ ": وَالْإِسْلَامُ دِينِي، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُنَعَّمًا فِي الْقَبْرِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْخَوْفُ وَالْحَيْرَةُ وَالدَّهْشَةُ وَالْوَحْشَةُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى جَوَابِهِمَا فَيَكُونَ مُعَذَّبًا فِيهِ. قِيلَ: وَلَمْ يُذْكَرْ حَالُ الْكَافِرِ لِأَنَّ الضِّدَّ أَقْرَبُ خُطُورًا بِالْبَالِ عِنْدَ ذِكْرِ ضِدِّهِ فَاكْتَفَى بِهِ عَنْهُ (فَإِنَّهُ): (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
1 / 203