ثورة. لم لا؟ كي تؤدبكم وتفقركم وتمرغ أنوفكم في التراب. يا سلالة الجواري، إني منكم وهو قضاء لا حيلة لي فيه. وقد عرفتني ذات العين الزرقاء بقولها: «غير مثقف، والمائة الفدان على كف عفريت.» وقبعت تنتظر ثورا آخر.
الكورنيش لا يرى من شرفة سيسل. إن لم أنحن فوق السور فلا سبيل لرؤيته. البحر يمتد مباشرة كأنما أراه من سفينة. وهو يترامى حتى قلعة قايتباي محصورا بين سياج الكورنيش وذراع حجري يضرب في الماء كالغول. بينهما يختنق البحر. يتلاطم موجه في تثاقل وهو كظيم. بوجه أسود ضارب للزرقة منذر بالغضب. يضطرم بباطن محشو بأسرار الموت ونفاياته.
أما الغرفة فتنطبع بسحنة كلاسيكية. تذكرني بسراي آل علام بطنطا؛ لذلك أضيق بها. وقد غرب مجد الريف وجاء عصر الشهادات يحملها أبناء السفلة. حسن، لتكن ثورة. ولتدككم دكا. إني أتبرأ منكم. سأنشئ عملا. أتبرأ منكم يا فتات العصور البالية.
فريكيكو .. لا تلمني. •••
ذات يوم - ومحمد النوبي يقدم لي الإفطار في الحجرة - خطر لي أن أقول له: كم أشعر بالضجر في فندقكم العظيم!
عادة قديمة لي أن أقيم علاقات طيبة مع خدم الفنادق التي أنزل بها، بالمؤانسة والسخاء، لحين الحاجة إليهم ! وإذا بالرجل يسألني: هل تقيم في الإسكندرية مدة طويلة؟ - جدا! - أليست الإقامة في بنسيون معقول أفضل لك في تلك الحال؟
نظرت إليه مستطلعا، فقال: هناك بنسيون نظيف ومعقول. ستجد فيه تسلية أكثر ونفقات أقل، ولكن ليكن ذلك سرا بيننا.
ظريف ومفيد وخائن. يخدم في جهة ويعمل لحساب أخرى ككثيرين من مواطني الأعزاء. وحق أن للبنسيون جوا عائليا حميما، وهو أنسب لمن يفكر في مشروع جديد. وهل ساقني إلى سيسل إلا عادة قديمة متأصلة وكبرياء لم يخفف من غلوائه بعد! •••
فتحت شراعة الباب عن وجه جميل. أجمل مما يليق بخادمة. أجمل مما يليق بسيدة. يا لها من شابة مليحة. وسوف تعشقني من النظرة الأولى. - نعم؟
فلاحة؟ عجبا. ليدفن سيسل في جوف الأمواج السوداء. - من طرف محمد كامل بفندق سيسل.
Shafi da ba'a sani ba