============================================================
(21) منهاج القاصدين وشفيد الصادهين الوظيفة الرابعة: أن يحترز الخائض في العلم في مبدأ الأمر عن الإصغاء إلى اختلاف الناس، سواء كان ما خاض فيه من علوم الدنيا أو علوم الآخرة، فإن ذلك يحير عقله، ويفتر ذهنه، ويؤيسه من الإدراك للمقصود، بل ينبغي أن يستأنس بطريقة شيخه، ثم يصغي بعد ذلك إلى المذاهب والشبه(1)، فإن لم يكن شيخه مشتغلا(2) برأي واحد، وإنما عادته نقل المذاهب وما قيل فيها، فليخترز منه، فإن إضلال هذا اكثر من إرشاده.
الوظيفة الخامسة: أن لا يدع فتا من العلوم المحمودة إلا وينظر فيه نظرا يظلع به على مقصده وغايته، ثم إن ساعده العمر طلب التبخر فيه، وإلا اشتغل بالأهم منه، فإن العلوم على درجايها، إما سالكة بالعبد إلى الله سبحانه، أو معينة على السلوك نوعا من الإعانة.
الوظيفة السادسة: أن يأخذ من كل شيء أحسنه؛ لأن العمر لا يتسع لجميع العلوم، ثم يصرف جمام(3) قؤته إلى أشرف العلوم، وهو العلم المتعلق بالآخرة، الذي به يكتسث اليقين الذي حصله أبو بكر رضي الله عنه، حتى شهد له الرسول، فقال: "اولكن بشيء وقر في صذره"(4) .
الوظيفة السابعة: أن يعرف السبب الذي به يدرك شرف العلوم، وأشرف العلوم(5) العلم بالله وملائكته وكتبه ورسله، والعلم بالطريق الموصل إلى هذه العلوم.
(1) في (ظ): "والسنة".
(2) في الأصل: "مستقلا".
(3) جمام قوته، آي: كل قوته وتمامها.
(4) قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (85): لا أصل لهذا مرفوعا، وإنما يعرف من قول بكر بن عبد الله المزني: وذكره ملا علي القاري في "الأسرار المرفوعة" ص 454 ، وابن القيم في "المنار المنيف" (246) وقال: ومما وضعه جهلة المنتسبين إلى السنة في فضل الصديق..- فساق أحاديث منها-: "ما سبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة، وإنما سبقكم بشيء وقر في صدره". وهذا من كلام آبي بكر بن عياش وذكره الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول": 261 و345، من كلام بكر بن عبد الله المزتي (5) في الأصل: "العلم".
Shafi 58